أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير المسلمين بتقوى الله، فالتقوى ملاك الوصايا وملازمتها خير السجايا، قال جل في علاه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
وقال: أيها الحجاج والعمار والزوّار: قَدِمتم خير مقدم وغنمتم خير مغنم وطاب ممشاكم والرحمة تغشاكم، وهنيئًا لكم زيارة البلاد الطاهرة والبقاع الزاهرة والأرجاء الذاكية، والمواطن الزاكية مكة المكرمة والمدينة المنورة، مبينًا أنكم في مواطن النفحات ومساقط الرحمات ومتنزل البركات ومواضع الخيرات، فمن أم البيت وأحرم بالحج فلم يرفث ولم يفسق ولم يخالط شيئًا من المآثم حتى انتهى من نسكه غفر له ما تقدم من ذنوبه وخطاياه، قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"، متفق عليه.
وأشار إلى ضرورة تفقّه الحاج في المناسك قبل لبس الإحرام والتوجه إلى بيت الله الحرام، وسؤال أهل العلم عما يشكُل عليه، محذرًا من استفتاء الجاهلين وسؤال من لا يعرف بالعلم والفتوى، فكم من حاج شرع في أداء نسكه وهو لا يدرك أحكامه فترك ركنًا أو أسقط شرطًا، قال جل وعلا: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الحجّاج بالالتزام بالسُنن المسندات النيّرات والحذر من البدع والمحدثات، قائلًا: لا تنحنوا لأموات، ولا ترجو شفاء من رفات ولا تتبركوا بالقبور ولا تستشفوا بها ولا ترموا الأطعمة والحبوبَ والنقود والسُّبَحَ والثياب عليها ولا تستغيثوا بالأموات ولا تسألوهم سدَّ الفاقات وإغاثة اللهفات وارفعوا إلى الله وحده الحاجات والرغبات والدعوات واحذروا التشبه بأهل الدجل والخزعبلات والخرافات.
وأضاف: أيها الحجّاج، لا تتبركوا بجدار أو باب، ولا تتمسحوا بمنبر ولا محراب ولا تلتمسوا البركة من مغارة أو جبل أو صخرة أو أحجار؛ فالبركة لا تُلتمس من الجمادات.
وخاطب الحجّاج قائلًا: ارحموا الضعفة والنساء والشيوخ والهرمين ولا تؤذوهم ولا تدفعوهم ولا تضايقوهم وأفسحوا لهم يفسح الله لكم، وعليكم بالرفق والتمهل والترسل ولِينِ الجانب والمسامحة وترك المزاحمة، وأكثروا من التوبة والاستغفار، وتَذَكَّروا جلالةَ المكان، وشرف الزمان.
وفي ختام الخطبة، حث إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين على الالتزام بما اقتضت السياسة الشرعية والمصلحة المرعية بتحديد عدد الحُجَّاج كلّ عام، فلا حج إلا بتصريح من خلال الجهات الرسمية؛ دفعًا لمفاسِد الزحام، ومنعًا لحصول الفوضَى ووقوع الاختلال والاضطراب في الحج.