تلوح انتكاسة جديدة لجهود التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل بشأن الحرب في قطاع غزة، إثر انقضاء مهلة قد تفضي لاستقالة الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس، وما قد يترتب عليها من حل "مجلس الحرب".
ومنتصف الشهر الماضي، أمهل غانتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى الثامن من يونيو/حزيران الجاري لوضع إستراتيجية واضحة للحرب على غزة وما بعدها، مؤكدًا أنه سيستقيل من حكومة الحرب التي انضم إليها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في حال لم ينفذ نتنياهو ذلك.
وتشمل خطة غانتس، إعادة الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة، وتقويض حكم حماس، ونزع السلاح من القطاع، وإقامة ائتلاف أوروبي عربي لإدارته، وإعادة سكان شمال إسرائيل لمنازلهم، وضمان خدمة كل الإسرائيليين في الجيش دون استثناء.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان"، إنه "من المتوقع أن يقدم غانتس استقالته من حكومة الطوارئ الإسرائيلية غدًا السبت"، مشيرةً إلى أن ذلك يأتي في ظل تصاعد الخلاف الإسرائيلي بشأن إدارة الحرب على غزة.
وأوضحت القناة، أن "نتنياهو قد يعلن تفكيك مجلس الحرب في حال نفذ غانتس تهديداته بالاستقالة"، لافتة إلى أن ائتلاف معسكر الدولة الذي يقوده غانتس سيجتمع لمناقشة القرار، وذلك مع انتهاء المهلة الممنوحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأكدت أن "مسؤولين أمريكيين أجروا اتصالات على مدى الأيام الماضية لمنع غانتس من تقديم استقالته في هذا التوقيت الحرج، وطالبوه بتأجيل انسحابه من حكومة الحرب على ضوء المفاوضات الجارية حاليًا للتوصل لصفقة مع حماس".
وأظهر استطلاع رأي نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، تقدم غانتس على نتنياهو في حال جرت انتخابات للكنيست الإسرائيلي اليوم، لافتًا إلى أن 42% من الإسرائيليين يفضلون غانتس بمنصب رئيس الوزراء، مقابل 34% لصالح نتنياهو.
أهداف سياسية
يرى أستاذ العلوم السياسية أحمد عوض، "أن غانتس يسعى من وراء التلويح باستقالته لتحقيق أهداف سياسية ترجح كفته على حساب كفة نتنياهو، وتحقق له آماله المتعلقة بالوصول لمنصب رئيس الوزراء في إسرائيل".
وقال عوض "إن الوزير الإسرائيلي يدرك خطورة الوضع الذي يعيشه نتنياهو، والضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس عليه، ما يدفعه لاستغلالها من أجل تحقيق مكاسبه السياسية الخاصة ورفع شعبيته".
وأشار إلى أن "استقالة غانتس من حكومة الحرب مرهونة بأمرين أساسيين، الأول تحقيقه لأهدافه السياسية وزيادة شعبيته لدى الجمهور الإسرائيلي على حساب نتنياهو، والأمر الآخر قبول الإدارة الأمريكية بمثل هذه الخطوة".
وبين أن "جميع الأطراف تدرك تأثير استقالة غانتس على الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق التهدئة في غزة في إطار المقترح الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة الماضية"، مشددًا على أن مثل هذه الخطوة ستنسف جهود الوسطاء للتهدئة.
ووفق المحلل السياسي، فإن "الاستقالة ستدفع نتنياهو لحل مجلس الحرب، وبالتالي تسليم ملف اتخاذ القرارات بشأن الحرب على لغزة لحكومته التي تضم ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، واللذين لهما مواقف متشددة من التهدئة والحرب بغزة".
وختم: "من شأن ذلك أن يؤدي إلى تعطل الجهود المتعلقة بالتهدئة، وستؤدي لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية بمختلف مناطق القطاع"، لافتًا إلى أن التقديرات تشير إلى توصل نتنياهو وغانتس لتفاهمات تبقي الأخير بمجلس الحرب.
من جانبه، يرى المحلل السياسي إياد جودة، أن "نتنياهو أمام خيارات صعبة للغاية في حال قدم غانتس استقالته من مجلس الحرب"، مؤكدًا أن ذلك سيؤدي لإطالة أمد الحرب وتسليم القرار بشأن التهدئة للأحزاب اليمينية بحكومة نتنياهو.
وقال جودة، إن الخيار الأول أمام نتنياهو يتمثل في السعي لضم عضو الكنيست جدعون ساعر لمجلس الحرب من أجل ضمان استمرار المجلس وعدم حله"، لافتًا إلى أنه من المستبعد أن يقبل ساعر بأي عرض يقدمه نتنياهو.
وأوضح أن "ساعر لا يثق برئيس الوزراء الإسرائيلي، كما أنه سعى أكثر من مرة لإسقاط حكمه ونافسه على قيادة حزب الليكود"، مشيرًا إلى أن أي مفاوضات مع ساعر بهذا الشأن ستكون صعبة للغاية ولن تفضي لأي توافق.
وأشار إلى أن "الخيار الثاني أمام نتنياهو تتمثل في حل مجلس الحرب، الأمر الذي يجبره لمشاركة شركائه بالائتلاف الحكومي، وخاصة بن غفير وسموتريتش بجميع القرارات المتعلقة بالتهدئة، وهو ما سيحول دون التوصل لاتفاق أو إنهاء الحرب بغزة".
ووفق المحلل السياسي، فإن "الخيار الثالث يتمثل في توصل نتنياهو لتفاهمات محددة مع غانتس، ما يحول دون حل مجلس الحرب"، مبينًا أن مثل هذا الاتفاق ستكون الولايات المتحدة طرفًا غير مباشر فيه، وسيجبر نتنياهو على قبول المبادرة الأمريكية الأخيرة للتهدئة. وكالات