يزداد التوتر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، حتى وصلت الأمور إلى الحديث عن السلاح النووي وإمكانية استخدامه.
جاء ذلك بعد أن وقَّع الرئيس الأمريكي جو بايدن تعليمات جديدة بشأن شروط استخدام واشنطن للأسلحة النووية، بسبب الحاجة إلى احتواء روسيا والصين وكوريا الشمالية.
وقال براناي فادي، كبير مسؤولي الحد من الأسلحة بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إن واشنطن بدأت تغيير سياستها النووية، وذلك من أجل زيادة الضغط على موسكو وبكين، كما تعمل واشنطن على أن تكون أكثر استعدادًا لشن هجمات مستقبلية ضد الأعداء، بحسب المسؤول الأمريكي في البيت الأبيض.
في موسكو، وردًا على هذا التطور، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، مؤكدة أن بلادها سترد على تصريحات واشنطن بشأن نشرها للأسلحة النووية، وأن الرد سيكون وفقًا للعقيدة النووية الروسية.
وأكد خبراء أن التهديد النووي وصل إلى أعلى مستوياته منذ عقود، وأن زمن الحد من انتشار السلاح النووي قد انتهى فعليًا. فيما يستبعد آخرون أن يُقدِم أي طرف على استخدام هذا السلاح، لكن الحديث عنه نابع من الخطر الذي تشعر به واشنطن بأن نفوذها الدولي بات ينحسر على حساب نفوذ القطب الآخر المتمثل بروسيا والصين.
ترسيم حدود النفوذ
قال الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية مكسيم أفونين، إن الظروف الحالية هي ما دفعت موسكو أو حتى بكين لفتح ملف السلاح النووي، فمن تتعرّض أراضيه لقصف بسلاح غربي هي روسيا وليست أمريكا، ومن تنمو على حدوده القواعد العسكرية الأمريكية هي الصين، لذلك الخيارات التي ستكون أمام موسكو وبكين، بالتأكيد، تشمل الحديث عن أقوى سلاح موجود، الآن، لديهما.
وتابع: "لذلك من بدأ في هذا التصعيد هو الغرب الذي توقع أو تخيل أنه بإمكانه التوسع وتهديد مصالح قوى نووية وفي نفس الوقت الطرف الآخر سيبقى ساكنًا، ومن الطبيعي أن تقوم روسيا والصين بالدفاع عن وجودهما".
وأشار أفونين إلى أن العالم كله دخل في مرحلة جديدة. فما قبل شباط/ فبراير 2022، (اندلاع الحرب في أوكرانيا)، ليس كما بعده، ونحن، الآن، في مرحلة ترسيم حدود النفوذ العالمي، والكل يصارع ويرفع من تهديده للحصول على أكبر رقعة من النفوذ.
وأكد الباحث الروسي، "لم يبقَ سوى لغة الخطاب النووي وإمكانية استخدامه، ومن يبقى صامدًا للنهاية هو من سينتصر. وأعتقد أن واشنطن في تصريحاتها الأخيرة تُجاري التطورات الأخيرة، لكن الولايات المتحدة باتت مقتنعة بأن مرحلة الجلوس على العرش وقيادة العالم أصبحت مهددة، وأن قوى أخرى لا بد لها أن تصعد".
وخلُص أفونين إلى القول: "إن المرحلة المقبلة ستشهد نقلات كبيرة في ملف التهديد النووي. ولا نستبعد أن تقدم الدول النووية على اختبارات صاروخية نووية جديدة ورفع المخزون الصاروخي. فمرحلة الحد من انتشار السلاح النووي قد انتهت، وبدأنا في مرحلة التجهيز للانتشار الواسع، والتعقل هو من سيحكم عالمنا".
الباحث في الصراعات الدولية وأستاذ العلوم السياسية إيغور نيستيروف استبعد في حديثه لـ"إرم نيوز" أن تُقدِم القوى النووية على استخدام سلاحها النووي، كون "معادلة معقدة تقف أمام إطلاق هذا النوع من الصواريخ".
وأوضح: "هي حرب نووية باردة لا أكثر. الكل سيصعد، والكل في نفس الوقت لن يضغط على زر الإطلاق، كون المعادلة المعقدة التي ذكرتها تحول دون حدوث ذلك".
وبين أن "أي دولة نووية يمكنها إطلاق هذا الصاروخ، لكن في نفس اللحظة ستتلقى ضربات صاروخية نووية. فالمهاجم سيكون في نفس الوقت ضحية، وهذا يعطينا استنتاجًا بأن الاستخدام لهذا السلاح شبه مستحيل، لكن الأمر محفوف بالمخاطر، واللعب بالنار لا يضمن لصاحبه النجاة من الحروق".
وخلُص نيستيروف إلى القول: "هذه الحرب ستكون بعدد الصواريخ النووية والتسابق على مواقع نشرها. هذا ما ستتنافس عليه الدول العظمى في المرحلة المقبلة، ولسنوات طويلة". وكالات