في الأنظمة الملكية، لا تجوز المقارنة بين عهدين باعتبار أن ميزة هذه الأنظمة هي الاستمرارية على أساس التراكم، فالعهد الجديد يرث الإنجازات كما يرث التحديات، لكن الفرق هناك من لا يريد أن يرى الإنجازات، لكن القائل لم يتجول في عمان ومحافظات المملكة ليرى الفرق، طرق وجسور ومستشفيات جديدة، وفي عمان تبدو منطقة العبدلي الجديدة أو «درة عمان» تقف مزهوة بنشاطها الاقتصادي وهي تمتع زوارها، وغير بعيد هناك مدينة الأعمال النشطة أيضًا وبينهما مطار الملكة علياء الحديث بحلته الجديدة، الذي تضاعفت قيمته المادية والمعنوية في نموذج لتوليد ثروة تتحول إلى أصول ثابتة وغير ذلك من مشاريع السدود ومحطات الكهرباء والتوسع العمراني المثير الذي ضاقت به بعمان كذلك هذا ما شهدته المحافظات الأخرى، وفي الجنوب تطل العقبة منطقة اقتصادية خاصة بمشاريع بلغت عشرات المليارات، واحة أيلة وهي منتجع ضخم جر إليه الماء بلسان طري وإلى جوارها سرايا العقبة وفندق العقبة بشكله الجديد ومثله عشرات الفنادق الجديدة وميناء الحاويات.
التقييم ليس بميزان السلبيات والإيجابيات فحسب بل في شكل التحديات أيضًا.
ولأن عهد الملك عبدالله الثاني مستمر، فلا زلنا نعيش الإنجازات برغم كثرة التحديات.
تأخذ صعوبة الوضع الاقتصادي المكان الأبرز من مساهمات المواطنين على مواقع التواصل، ولأن الانطباع يتولد في ذات اللحظة ومن ظروفها فقد كان من الطبيعي أن تأتي هذه الإسهامات على ذكر السلبيات وإغفال الإنجازات.
ولان الاقتصاد هو الأولوية تذكر كيف دعا الملك إلى خلوات اقتصادية مغلقة كان الهدف منها أن تضع شخصيات اقتصادية وسياسية خارطة طريق، وأن تذهب عميقاً في تشخيص الاوضاع فكانت النتائج مذهلة.
يغفل من يقوم بتقييم السياسات الاقتصادية التي طبقتها الحكومات ولا تزال في عهد عبدالله الثاني باعتبارها خطأ يستحق المحاسبة والتصويب، من دون قياس النتائج ومن دون تقييم الظروف التي يمر فيها الاقتصاد اليوم ويغفل مثلاً أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ 6% بعد عام 2000 إلى ما قبل الأزمة الاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨ وأن الناتج المحلي الإسمي تضاعف بأكثر من ثلاثة أضعاف،وأن نصيب المواطن من الدخل القومي زاد 155.4% وأن الاحتياطي من العملات بلغ رقما قياسيا وما زال وهو ما لم يتحقق في تاريخ المملكة، وأن الأسعار حافظت على استقرارها النسبي وبلغ متوسط معدل التضخم 4.3 % وأن عوائد القطاع السياحي زادت الى 2.65 مليار دولار، وأن تحويلات المغتربين الأردنيين ارتفعت إلى 3 مليارات دينار بالمعدل وزادت حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أكثر 20 مليار دينار.
الأنظمة الملكية سمتها التراكم في الإنجازات لكن التحديات تبقى الأهم وهو ما سعى ولا زال الملك عبدالله الثاني إلى التصدي لها على مدى ربع قرن من الزمان.