تحدث المؤرخ والباحث عمر العرموطي لنيروز اليوم الثلاثاء عن الطعام الذي يعد أكثر شهرة بين الأردنيين وهو المنسف .
وقال العرموطي :" المنسف هو طبق عربي شعبي، وهوالأكثر شهرة في الأردن، مما جعل من المنسف طبق الطعام الوطني بامتياز " .
واضاف : "إنه طعام مصنوع من الأرز ولحم الضأن ولبن الماعز المجفف المسمى بِـ (الجميد الكركي) مع إضافة اللوز والصنوبر والشراك (خبز الصاج)، وفي بعض الأحيان، يتم وضع رأس الخروف المطبوخ على قمة طبق المنسف كرمز لتقدير الضيوف المعزومين على طعام المنسف ".
وتابع : :"تحظى هذه الوجبة الاردنية بطعمها اللذيذ، وبشعبية كبيرة ليس فقط في الاردن بل في عدة دول مجاورة مثل: سوريا والسعودية والعراق وفلسطين، مع وجود اختلافات طفيفة في الإعداد".
ووصف المؤرخ والباحث عمر العرموطي : " المنسف ليس مجرد طعام، إنه جزء من الثقافة الأردنية؛ ففي الماضي، كان الطبق معروفًا بحل النزاعات بين القبائل الأردنية".
و ذكر العرموطي الوقت الذي يتناول به الأردنيين المنسف : " وفي الوقت الحاضر فمن الشائع تناول المنسف في الحفلات، وعند لم شمل الأسرة الممتدة".
و أشار العرموطي إلى انه:" لقد تم قديماً إعداد أول المناسف من قبل البدو في الصحراء الاردنية.. وفي ذلك الوقت تم صنعه من لحم الإبل أو لحم الضأن الخروف، وخبز الشراك والسمن أو مرق اللحم.. وتمت إضافة الأرز في طبق المنسف في مرحلة لاحقة من السنين".
واستذكر العرموطي : "فمن تقاليد المنسف الاردني قديماً.. ان طعام المنسف البدوي الاردني الاصلي قديما لم يكن فيه الأرز!! بل كان يتكون من لحم الاغنام ومن خبز الشراك المصنع من القمح البلدي ولبن الجميد والسمن البلدي".
وأكمل العرموطي استذكاره : "وكان الاردنيون يزينون وجه المنسف الموضوع في سدر كبير بالمعاليق واللِّية المفرومة المطبوخة.. ثم يوضع رأس الخروف أعلى منتصف سدر المنسف وذلك زيادة في تكريم الحضور " مشيرا إلى أن المنسف تطور حتى أخذوا يضعون معه الجريشة المصنوعة من حبوب القمح وذلك بدل الارز الذي لم يكن بعد منتشراً بكثرة آنذاك مضيفا بعد ذلك ومنذ نحو مائة عام عُرف المنسف الاردني بصنعه وعمله بمادة الأرز الابيض متوسط الحجم او كما يُسمى بـ«الارز المصري» ثم أصبح المنسف الوجبة الشعبية الاولى الشهيرة التي يتميز بها الاردنيون ويفتخرون بها عربياً وعالمياً، حيث حاز هذا الطعام اعجاب وذوق كل من تناوله من زوار الاردن عرباً وأجانب.
وتطرق المؤرخ والباحث عمر العرموطي أثناء حديثه لنيروز إلى طريقة تناول المنسف بين الأردنيين
وقال:" من المعروف انه يتم تقديم طعام المنسف على طبق كبير، مع تناول كل شخص من نفس الطبق بأيديهم.. ويتم أكل المنسف أثناء الوقوف او القرفصة حول الطاولة التي يتم تقديمها عليها".
واضاف : "من بعض العادات ان يخدم المضيف الضيوف أثناء تناولهم هذا الطعام؛ وهذا دلالة على التقدير والاحترام وحسن الضيافة ".
وتابع : "من المتوقع أن يضع المضيف قطعًا من لحم الضأن بشكل مستمر أمام جميع الضيوف، كما يواصل صب شراب الجميد على طبق المنسف.. وليس من المفترض أن يتوقف المضيف عن الأكل حتى ينتهي الضيف الأخير من الأكل ".
ولفت إلى أنه :"للحصول على لذة طعام المنسف حقًا، يجب أن يتناوله الشخص بالطريقة التقليدية بيده اليمنى أما اليد اليسرى نتكون خلف الظهر لإفساح المجال للآخرين".
وكما تطرق العرموطي مرة أخرى إلى اداب تناول المنسف
وقال :"من الضروري جداً أن تتقيد بتناول الطعام من أمامك، ولا يجوز أن تأكل من أمام الآخرين" و تناول الطعام يتم بيد واحدة فقط، هي اليد اليمنى..ويُكره تناوله بالملاعق!. وأن يكون الضيف مهذباً في طريقة تناوله للطعام، وأن يحرص على عدم تناول كميات كبيرة من الطعام، ومراعاة ألا يظهر قاع الطبق المعدني"والحرص على عدم التحدث والكلام أثناء تناول الطعام وكضيف عليك اقتسام قطع اللحم مع الشخص الذي يجلس بجانبك بدون رفعها إلى الأعلى والحرص على عدم نفض اليدين فوق المنسف بعد الانتهاء من تناول الطعام، فهي عادة غير محببة مطلقاً " .
وذكر العرموطي : " من العادات الأخرى لدى بعض المناطق في الاردن ان المعزب صاحب طعام المنسف لا يأكل مع الضيوف بل يظل واقفاً يقوم على خدمة الجميع وحثهم على الاستمرار بالأكل.. وعندما يكون رأس الخروف موضوعاً على قمة سدر المنسف فإنه لا يجوز ان يمد الشخص يده ليأكل مثلاً العين او اللسان قبل ان يأكل اللحم فالاصل ان يأكل الضيف اللحم الذي امامه حتى يصل الى الرأس " ولأن طعام المنسف يُعتبر طعاما دسماً إلا أنه مع ذلك سريع الهضم بسبب وجود شراب الجميد فيه المصنوع من اللبن.. وهذا الجميد يسّرع من عملية الهضم.. وكذلك شرب القهوة السادة بعد الأكل يساعد على الهضم وعلى تقليل الدهون في المعدة.. فلا غرابة إن شعر الشخص بالجوع بعد فترة ساعة او ساعتين مثلاً من تناوله المنسف.!
و تطرق العرموطي أثناء حديثه لنيروز عن الجميد الكركي
وقال العرموطي : "طعام المنسف والذي يذكرنا بتمسكنا بعاداتنا وتقاليدنا الاردنية الشعبية لا بد له من مرق او شوربة الجميد البلدي.. ومن أشهره الجميد الكركي نسبة الى مدينة الكرك الاردنية والتي يربي بعض الفلاحين من حولها الأغنام التي تحلب الحليب الطازج والذي يتم أخذه لصنع الجميد منه.. على ان لا يُنزع منه أي عنصر من عناصره مثل السمن والزبدة ".
ووصف :" لذلك فان الجميد الكركي يعتبر من أغلى وأفخر الانواع الأردنية وذلك لأسباب منها ان الاغنام التي يُحلب منها الحليب او اللبن لا تأكل إلا الأعشاب البرية الطبيعية المفيدة جداً مثل الزعتر البري والبابونج البري وأعشاب أخرى صحية شعبية معروفة ".
ولفت العرموطي إلى أن :"هناك مناطق أردنية اخرى تقوم بصناعة الجميد الطيب كذلك، والذي يطلق عليه مصنعوه ايضاً تسمية جميد كركي.. لأن هذه التسمية أصبحت منتشرة، يفتخر بها كل من صنع الجميد في الاردن او خارج الاردن كذلك " .
وذكر العرموطي انواع الحميد قائلا : "الجميد–قبل طبخه–يتكون من كتل أشبه بالحجارة الكروية البيضاء اللون والمصنوعة في الأصل من لبن الغنم (النعاج).. ومنها ما هو مصنوع من لبن الماعز ومن لبن الابقار كما نلاحظ باعة الجميد في عدد من المحلات التجارية في عمان، والتي تخصصت فقط بعرض وبيع أنواع الجميد المختلفة!! " ولا بد للجميد ان يُمرس في وعاء فخاري خاص لإذابة كتله الصلبة بالماء الساخن او الفاتر مشيرا إلى أن الجديد في عالم الجميد ومنذ سنوات هو تصنيع جميدٍ على شكل مكعبات أشبه بمكعبات مرقة دجاج ماجي ".
وذكر العرموطي نوع اخر للجميد : "والشكل الآخر من الجميد هو الجميد السائل للطبخ السريع والذي ظهر في الأسواق منذ سنوات قليلة.. حيث لا يحتاج الى مجهود التفتيت والهرس والمرس بالماء".