شخصية مرموقة على مستوى الاردن والوطن العربي شخصية عامة لها ثقلها البارز ومحبوبة من الجميع كما كان يمتاز بالاناة والحلم والحكمة، تنبع منه الأصالة، محفوفا بعبق الصحراء، مدفوعا بشهامة البداوة ونخوتها انه الشيخ حتمل بن مناور الزبن .
نتحدث اليوم في وكالة نيروز الإخبارية عن هذا الرجل العظيم المرتبط اسمه بالكثير من الأحداث منها موقعة غرايس ومقتل الشيخ حتمل مناور الزبن الملقب "ذيب بني صخر" الفارس الذي استبسلت وتسابقت قبيلة بني صخر وفرسانها للأخذ بثأره .
كثيراً ما تناولنا انتصارات القبيلة في صراعاتها مع القبائل الأخرى أو القوات الفرنسية أو البريطانية أو التركية او الأخوان ولكننا في هذا الموضوع تناول وقعه صنفها الأغلب من الكتاب بهزيمة لبني صخـر ولكنني لا أراها كذلك بل اعتبرها نصراً مؤزراً للمبدأ وانتصاراً للكرامة والانفه وعدم الخنوع والخضوع والانقياد للنفس قبل الخصم وقد سطروا ابطال بني صخر بذلك اليوم معنى الشجاعة الحقيقة والتي عناها العرب بقولهم (( حد الشجاعة سعة الصدر بالإقدام على الأمور المتلفة ))
وقد حاولنا جاهدا الجمع بين الرواية الشفهية وما وجدناه موثق بالكتب و الوثائق المعاصرة للحدث .
وقع هذا اليوم في شهر فبراير من عام 1928م اذ قام فرحان بن مشهور الشعلان وهو احد قادة الأخوان الذين انشقوا على الأمام عبدالعزيز بن سعود بهجوم دموي على عرب بني صخر النازلين بمنطقة غرايس شمال شرقي الجوف بعدد من أفراد قبيلة الرولة وعتيبة فقتل شيخ الزبن وابنه وحوالي 88 آخرين فالشيخ حتمل حين دخل الحدود النجدية بعهد من الامام عبدالعزيز وقد دفع الزكاة لابن سعود ولكن ابن مشهور كان من المنشقين على الامام بسبب منعه الغزو على الأخوان وبذلك لم تسلم نجد ذاتها من غزواته فقد هاجم قبيلة شمر والشرارات وقد ارسلت الحكومة البريطانية مع مبعوثها السير جلبرت كلايتون G.clayton احتجاجاً لابن سعود فطلب منه تهدئة الموقف وطمأنة بني صخـر على مفقوداتهم .
وقد ورد بالبرقية رقم (4 - 7-530) وتاريخ 19/ فبراير/ 1928م والمرسلة من الأمير عبدالله بن الحسين بن علي مؤسس أمارة شرق الاردن الى اللورد بلومر يصف بها هذه الحادثة حيث جاء في نص الوثيقة
وما تقشعر له الابدان الصورة التي كان عليها مقتل حتمل بن زبن فقد حدثنا الذي شهد المعركة انه بعد ما هوى الشيخ حتمل من جواده وصرع ابنه الى جانبه انقض هؤلاء الهمج عليهما فأحتزوا رأس الغلام وعيون والده تنظر ثم انتقلوا الى الوالد فخلعوا كتفيه بأيديهم قبل ان يسلم الروح .
ومن خلال نص الوثيقة يفند القول القائل انه كان يسبح بالشعيب وانه اعزل لان الشيخ حتمل ومن معه رجال شجعان ثبتوا خلال المعركة وكأن الشاعرة العربية تقصدهم بقولها
أبوا ان يفروا والقنا في نحورهم // ولم يبتغوا من خشية الموت سُلّما
ولو انهم فــروا لكانوا اعــزّة // ولكن رأوا صبراً على الموت اكرمــا
وقد قتل مع الشيخ حتمل وابنه عدد من أبناء عشيرة المسلم والصبيح والهقيش سوف نورد أسماء من وجدنا منهم بعون الله وقد قال احد الشعراء هذه الأبيات بعد مقتل الشيخ حتمل والشيخ نومان العيطان الهقيش
كانوا علينا ثلاث اكوان // ياعيال يشيبن بالعيني
الكون الأول على الفلحان // والأوسط على العثاميني
والكون الثالث على الهقشان // هدم عوير البياتيني
اذبحوا حتمل هو ونومان // والأدهم ريف الضعافيني
اليا احتزم ينطح الاخوان // ومن عقبهم مابقى شيني
ونجد هنا الشاعر مفلح القفعان المسلم الصخري يذكر ماحصل في يوم غرايس بعد عام بعدما ان جائه احد افراد قبيلة الشرارت ويذكر لها العشب والربيع في غرايس
غرايس لو عشبها كيهوم // ماهي مريّه على الذودي
ذبحوبه من النشاما غلوم // من عقبهم يقصر الجودي
في فعلهم ماعليهم لوم // مار ان الكثره لها زودي
وعسى غرايس مطرها حسوم // وعساه ماتنبت العودي
ولم يقف بنو صخر مكتوفي الايدي بعد هذه المعركة بل قام الشيخ فهد طراد الزبن بشن غارات الثأر من قتلت ابناء بني صخر بغرايس فقد ورد بالوثيقة رقم (20-410) تاريخ 19/3/1928م الموضوع استخبارات وهي عبارة عن برقية مرسلة من قائد الدرك بالازرق من القائد اميل الى قائد الجيش العربي للامن "ان طلال بن رشيد بن سمير حل ضيفا على ابن معجل وهو (قريب لابن سعود ) والذي تعين ليكون عاملا بدلا من عبدالله الحمدان بالقريات ومعه أوامر من ابن سعود بذاته" .
وبعد ان تحرك بان سمير نحو القريات لحقه خلف المور وجماعته وقتلوه ))
وجاء في نص البرقية ايضا "على ان ما استنتجت ان ابن سعود جمع كافة ما نهب من الزبن وكان مراده تعويضه عليهم ولكن بعد هذه الحادثة فلا أظن انه يعيد إليهم شيء".
وجاء بالوثيقة رقم (18-20-530) 24/4/1928م وهي برقية مرسلة من الشريف عبدالله الى المندوب السامي البريطاني بلومر جاء فيها "عزمت بني صخر على الاقتصاص من المعتدين عليها بالجوف" الى قوله "وقد اوفدت الامير شاكر ومعه نفر من خواص رجالي ورئيس ديواني فاسترجعوا القوم بعد جهود هائلة وجاءوا بعقيدهم فهد طراد الذي لايزال عندي" .
اما السبب بهذا الهيجان فهو مقتل الشيخ حتمل بن زبن .
وعندما قابلهم الأمير شاكر وابلغهم نصيحتي بوجوب العودة تهاطلت دموعهم على خدودهم واخذوا يسترحمون الأذن لهم بدفع العار عنهم وإنهم لا يصبرون على الدم ولا يريدون غمناً او ربحا بل يريدون ان يطهروا بأنفسهم ما لحقهم من العار .
وقد تتبعت الاستخبارات البريطانية عشائر بني صخر بعد هذه الحادثة ونجد الوثائق تغص بأخبارهم فقد جاء بالوثيقة رقم (27-410) س 11/5/28 وتاريخ 30/1/1929م والمرسلة من رئاسة الديوان إلى المعتمد البريطاني موضوعها استخبارات حول تحرك عشائر بني صخـر نحو الحدود النجدية .
اما عشائر شرقي الأردن فمنهم من شرق واجتاز الحدود وهم نايل بن زبن واخوه تركي الحيدر ومعه ناس والعثمان من الزبن والبخيت الفايز بقيادة الفارس الشيخ درداح الفايز من الطوقة وبعض اناس من السرحان والذي رجع الى هنا الكعابنه على حديثة الخريشا وفهد الطراد وفريقه .
كما ورد بالوثيقة رقم (10) ( 118-475) 21/67/248 وتاريخ 19/1/1931م والمرسلة من قائد الجيش فريدرك بيك الى الشريف عبدالله
ان بني صخر هجموا على الدغمان من الرولة بوادي السرحان في22 /12/1930م بقيادة الشيخ درداح بن بخيت على عربان درزي بن دغمي بوادي السرحان وعادوا الى منازلهم بكسب يقدر بثمانين بعيرا .
ومن خلال ما تقدم من الوثائق نرى ان بني صخر لم يتركوا ثأر الشيخ حتمل بل ادركوه ولم يغفلوه كما توهم البعض او حاول جاهداً اخفاء تلك المعلومات بقصد او بدون قصد
ومن الذين قتلوا في معركة غرايس كل من :
1- الشيخ حتمل بن مناور الزبن
2-الشيخ نومان العيطان الهقيش
3-حمدان الصبيح
4-رضيمان الصبيح
5- هطيلان خليف الرثعان الصبيح
6- دعاس القنها القيضي المسلم
7- خضر النيف الهقيش
8-الادهم فهد الفهار الزبن
9-رافع حتمل الزبن
10-صقر حتمل الزبن
فرحم الله من علمنا منهم ومن لم نعلم فقد علمونا معنى قول الشاعر
يباشرون ضبا السيوف بأنفسٍ امضى واقطعُ من الاسيافِ .