في صباحٍ عاديٍ داخل مترو أنفاق نيويورك، وقف رجل يعزف على الكمان لمدة 45 دقيقة، متأملاً في زحمة المارة. استوقف العزف بعض الناس، وصفق له زوجان، فيما وضع البعض الآخر إكراميات في علبة الكمان، ليجمع في النهاية حوالي 30 دولارًا. لكن ما لم يعرفه أحد هو أن هذا العازف لم يكن مجرد موسيقي عادي، بل كان جوشوا بيل، أحد أعظم عازفي الكمان في العالم.
بيل، الذي عزف واحدة من أعقد المقطوعات الموسيقية على الإطلاق باستخدام كمان يبلغ ثمنه 3.5 مليون دولار، كان قد أدى قبل يومين فقط حفلاً في مسرح بوسطن، حيث بيعت التذاكر بمتوسط سعر 100 دولار للمقعد الواحد. وعلى الرغم من مهارته الاستثنائية، مر العديد من الناس بجانبه دون أن يلقوا نظرةً أو يتوقفوا للاستماع.
تثبت هذه القصة الواقعية أن السياق والمكان لهما تأثير كبير على تقدير الأشياء الاستثنائية. فعلى الرغم من موهبة جوشوا بيل الفائقة، إلا أنه في بيئة عادية مثل مترو الأنفاق، لم يلقَ الاهتمام الذي يستحقه.
قد تكون هذه التجربة انعكاسًا لواقع نعيشه جميعًا: فكم من مرة نجد أنفسنا غير قادرين على التمييز بين العادي والاستثنائي في زحام الحياة؟ وكم من الموهوبين في كل مكان حول العالم يمرون دون أن يُدرك أحد قيمة ما يقدمونه؟
إنها دعوة للتأمل في الحياة من حولنا والتفكير مليًا في أن الجمال والإبداع قد يختبئان في أكثر الأماكن بساطة.