إن إستمر العدوان الإسرائيلي على غزة جعلنا نستطرد في مقالاتنا من الوضع الحالي إلى ماقبل 7 أكتوبر لنبين مدىّ إزدواجية المعايير للرأي العام حتى في تحقيق العدالة الدولية، ونذكر المدعي العام للعدل الدولية "كريم خان" أنه في الماضي لم يستغرق الأمر أقل من شهر حتى أصدرت محكمة العدل الدولية مذكرة إعتقال ضد الرئيس الإيفواري السابق"لوران جباجبو"، وستة أسابيع فقط وأصدرت مذكرة إعتقال بحق "معمر القذافي"، وثلاثة أسابيع وهللت أمريكا ودول الغرب بمذكرت الإعتقال بحق "فلاديمير بوتين" واليوم أوشكنا على العام من الإبادة الجماعية على الملأ وفي بث مباشر على الهواء مباشراً في غزة، ولم يتم إصدار مذكرت إعتقال بحق "نتنياهو" ووزير دفاعه فهل هؤلاء فوق القانون أم عندما يتعلق الآمر بإسرائيل العدل الدولية تتصنع العجز !؟.
وأن المحكمة الجنائية الدولية أصبحت تحت ضغط مستمر في ملف غزة وإسرائيل، لتجنب إصدار أوامر إعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي"بنيامين نتنياهو" ووزير الدفاع "يوآف غالانت"، وتضاعف الدولة العبرية ومعها العديد من الدول الغربية مناورات الشلل لتحقيق العدالة الدولية!، وتعُد الأعمال الإنتقامية الدبلوماسية ضد النرويج، التي أعلنتها إسرائيل في 8 أغسطس، بالإضافة إلى العديد من المفاوضات لمنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار أوامر إعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي"بنيامين نتنياهو" ووزير دفاعه.
وأنه في ذلك اليوم برر وزير الخارجية الإسرائيلي "إسرائيل كاتز" قرار إلغاء الوضع الدبلوماسي للموظفين النرويجيين لدىّ السلطة الفلسطينية بعد إتهام النرويج في نهاية مايو إسرائيل بإرتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة وتجويع الفلسطينيين هناك، وأعلنت إعترافها بدولة بفلسطين والإنضمام إلى المحاكمة التي زعم"كاتز" أنها لا أساس لها ضد"إسرائيل" أمام العدل الدولية في 20 مايو، وطلب المدعي العام للمحكمة "كريم خان" أوامر إعتقال ضد "نتنياهو وغالانت" ولكن يبدوا أن الجنائية الدولية عاجزة عن إصدار هذا القرار حتى الآن!؟.
وفي نفس السياق أقول: للأمين العالم للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش» هل فقدتم الصلاحيات لحماية الفلسطينيين من الإبادة الجماعية في غزة؟، وأصبحتم تكتفون بالتنديدات والدعوات الغير مجدية!، حيثُ دعا
الأمين العام للأمم المتحدة"غوتيريش" منذ عدة أيام ، الأطراف المتحاربة في غزة إلى إلقاء أسلحتها حتى يتمكن العاملون في المجال الإنساني من تطعيم أكثر من نصف مليون طفل ضد شلل الأطفال بشكل آمن،والذي ظهر وسط الدمار في غزة،
وبسبب الدمار البشع التي إرتكبتة إسرائيل في غزة تستعد الآن وكالات الأمم المتحدة لإطلاق حملة لتطعيم أكثر من 640،000 طفل في غزة ضد شلل الأطفال.
وفي سياق متصل بشأن التنديدات الأممية الغير مجدية أدانت "أليس جيل إدواردز"، مقررة الأمم المتحدة الخاصة والمعنية بالتعذيب الإدعاءات الأخيرة بشأن إعتداء جنود إسرائيليين، جنسياً، على رجل فلسطيني محتجز لديهم!، ودعت للمساءلة في هذه المزاعم، ويأتي ذلك بعد إتصالها الرسمي مع إسرائيل في مايو الماضي حول إدعاءات متعددة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والمذلة ضد الفلسطينيين المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023، وفق تصريحاتها.
وقالت"إدواردز" إنه لا توجد ظروف يمكن فيها تبرير التعذيب الجنسي أو المعاملة الجنسية اللاإنسانية والمهينة،
ويجب التحقيق في جميع الجرائم المزعومة المرتكبة في سياق هذه الحرب الرهيبة بشفافية ونزاهة، ومحاسبة المسؤولين من قبل المحاكم المدنية، وأضفت؛ أن هذا التعذيب الجنسي المزعوم الذي يشمل العديد من المجرمين شنيع بشكل خاص، وجاء هذا في إجتماع رسمي مع السلطات الإسرائيلية، وتم إبلاغها بتحديد العديد من الجنود المشتبه في تورطهم وهم قيد التحقيق حالياً، والمثير للسخرية أنه دع "إدواردز" إلى إجراء هذه العملية دون تدخل من المنظمات الأممية.
وعلى صعيد آخر متصل نتساءل: كيف ينادي «جوبايدن»بوقف إطلاق النار ويرسل الإسلحة لإسرائيل؟، فإن
موافقة "واشنطن" على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار تأتي في إطار التبنّي الكامل للسلوك الوحشي لهذا الكيان المارق، حيثُ وافقت إدارة "جوبايدن" منذ عدة أيام على إمداد إسرائيل بأسلحة وذخائر جديدة قيمتها عشرات المليارات، وفي ذات الوقت أرسلت حاملات الطائرات والمدمرات لتحمي الإحتلال حتى يكمل مهمتةُ في إبادة الفلسطينيين في غزة، وفي نفس اليوم، أكد؛ المستشار الألماني حق إسرائيل في قصف مدرسة التابعين، وبعدها بساعات، قصف الإحتلال منازل جديدة، وكان من ضمن الشهداء أم وطفلتيها التوأم التي وضعتهما من ٣ أيام فقط.
ومن خلال حماية إسرائيل من عواقب أفعالها، وتوفير الأسلحة والمساعدات العسكرية بغض النظر عن ذلك، فإن الحكومة الأميركية تخلق "خطراً أخلاقياً"، وتشجع السلوك الإسرائيلي الغير المسؤول، والرأي العالمي يقول؛ إن"بايدن " فشل في محاسبة "نتنياهو" يخلق خطرا أخلاقياً خطيراً بسبب حمايتة والإفلات المتعمد من العقاب، وأقول: هنا في مقالي الصحفي إن الخطر الأخلاقي هو مصطلح لما يحدث عندما يكون لدىّ طرف واحد حافز للإنخراط في سلوك محفوف بالمخاطر لأن بعض الجهات الفاعلة الأخرىّ ستحميه من عواقب أفعاله الخاصة.
ونرى الآن كيف يعمل الخطر الأخلاقي في التحالف الإسرائيلي الأمريكي حيث يقف الشرق الأوسط على حافة صراع كبير بين إسرائيل وإيران والمتضرر الوحيد من هذا الصراع شعوب المنطقة العربية بأكملها، وكانت آخر مرة حدث فيها ذلك في أبريل الماضي بعد أن إستهدفت غارة جوية إسرائيلية القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أسفر عن مقتل إثنين من كبار القادة الإيرانيين وضباط آخرين، وردت إيران بأول هجوم مباشر على إسرائيل، حيث أرسلت 300 طائرة بدون طيار وصواريخ نحو الدولة اليهودية.
وألفت: في مقالي لـ"نيروز" إلى أن قرار محكمة العدل الدولية "الذي يمثل إزاحة مفاهيمية لنموذج إتفاقية أوسلو، الذي يقضي بأن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال ما يسمى بعملية السلام "الميتة"وتقول؛ محكمة العدل الدولية إن هناك دولة فلسطينية الآن، فهل يدرك هذا رئيس السلطة الفلسطينية"محمود عباس" ويخرج من تحت عباءة "أوسلو" ويتحرر منها؟، وشرحنا في السابق رأي محكمة العدل الدولية بشأن المستوطنات الإسرائيلية.
لأن الإعلان التاريخي للمحكمة العليا هو يعتبر نعمة كبيرة لحركة التضامن الفلسطينية، ففي الشهر الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية فتوىّ تاريخية تعلن أن إحتلال إسرائيل المستمر للأراضي الفلسطينية، التي تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة معاً الأرض الفلسطينية المحتلة، أو الأراضي الفلسطينية المحتلة"غير قانوني" بموجب القانون الدولي، وكما دعا؛ رأي محكمة العدل الدولية إلى الإنسحاب الفوري والكامل للمستوطنين الإسرائيليين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، لذا؛ يجب تغير نهج سياسية السلطة الفلسطينية والتحرر من إتفاقية أوسلو الآن.
وبالنظر إلى التعنت الإسرائيلي والأمريكي، من غير المرجح أن يغير القرار مسار الحرب الحالية، ولن يفعل الكثير لمنع توسع الصراع الإقليمي الوشيك، ولكن سيكون لها آثار دبلوماسية وسياسية عميقة تتجاوز هذه اللحظة، وهي نعمة كبيرة لبرنامج حركة التضامن الفلسطينية لعزل إسرائيل على الساحة الدولية، ما إذا كانت تغير السياسة الأمريكية على المدىّ القريب، لا سيما؛ في حالة فوز نائب الرئيس الأمريكي"كامالا هاريس" في الإنتخابات فهي مسألة إرادة سياسية على الرغم من أن إدارة "بايدن" تدعي الإلتزام بالقانون الدولي!، وأعلنت بالفعل أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، إلا أنها رفضت إستخدام النفوذ الواسع المتاح لها للضغط على إسرائيل للإمتثال.
وختماً: إن أولئك الذين يعتقدون أن قتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل في غزة وتدمير منازلهم بشكل متعمد، يجعل إسرائيل أكثر أمناً يجب أن يتذكروا أن المقاومة الفلسطينية غالباً ما يلجأ إليها مقاتلين من بين عائلات القتلى، وكل ما إستمرت إسرائيل في إستخدام الإذلال واليأس، فإن شعبية المقاومة سوف تنمو وتزداد بكثافة، ونتسأءل هنا هل يمكن لـ"كامالا هاريس" تغيير سياسة "بايدن"بشأن إسرائيل فقط من خلال دعم القانون الدولي؟، فالواقع أن"كامالا هاريس" في مأزق، فعلى الرغم من حشد الديمقراطيين خلفها، لا تزال تتعرض للسخرية من المحتجين الذين يريدون إنهاء الدعم الأميركي لحرب إسرائيل في غزة، ويريد العديد من هؤلاء الناشطين أن تؤيد حظر الأسلحة ضد الدولة اليهودية.
وهناك حل يسمح لمرشحة الرئاسة الأمريكية"هاريس" بالذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد الدعوة إلى وقف إطلاق النار، بالقول: إن عددا ًكبيراً للغاية" من الأطفال والمدنيين العزل في غزة لقوا حتفهم فبدون دعم حظر الأسلحة، لا يزال بإمكانها الإشارة إلى قطيعة واضحة مع دعم "جوبايدن" شبه غير المشروط لجهود الحرب الإسرائيلية التي يعتقد العديد من علماء القانون الدولي أنها أدت إلى إبادة جماعية، ويمكنها أن تفعل ذلك بطريقة تليق بها كمدعية عامة سابقة.