يبدو أن المشهد الذي نراه اليوم في الأردن يشير إلى حالة من الفوضى الاجتماعية التي لا تعكس بأي حال من الأحوال مظاهر ديمقراطية حقيقية. وكأن الأردن بأكمله قد تحول إلى ساحة مفتوحة للمرشحين للانتخابات النيابية، كل منهم يسعى لإثبات وجوده بأكبر صور ممكنة، متجاهلين جوهر الديمقراطية وأصولها.
المرحلة الحالية تتطلب منا وقفة تأمل وإعادة نظر في مفهوم النضج السياسي الذي نحتاجه لإدارة الأزمات. نحتاج إلى مرشح واعٍ يمتلك الشجاعة والرقّي، يقدم برنامجًا انتخابيًا حقيقيًا وقابلًا للتنفيذ، ويغني بعقل ناضج. يجب أن يكون هذا المرشح مدركًا للمخاطر وجاهزًا للتعامل مع المشاكل، أو على الأقل واعيًا للخطوة القادمة وقادرًا على تقديم حلول وتشريعات واقعية.
لقد عانينا في الدورات الانتخابية السابقة من أزمات اقتصادية واجتماعية، حيث مر المواطنون بفترات من الجوع والمجاعة، واضطروا إلى مقارعة البنوك لحل بعض من مشاكلهم. المرحلة الراهنة تتطلب التركيز على نقطتين أساسيتين: تحسين الوضع الاقتصادي المتردي والتعامل مع أصحاب المصالح الذين يروجون لشعارات مستهلكة، بالإضافة إلى معالجة حالة الإحباط الاجتماعي الذي ينعكس في عزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات.
لا يمكننا إنكار أن المواطنين محقون في إحجامهم عن التصويت، فهم يبحثون عن حلول حقيقية لمشاكلهم، ولكن على مدار سنوات طويلة لم نرَ سوى ارتفاع الأسعار وتفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى التأمينات الصحية والتعليمية التي لا تلبي احتياجات الجميع. التشريعات الصحيحة يمكن أن تخفف من معاناة الناس، لكنها بدلاً من ذلك غالبًا ما تزيد من أعبائهم.
الأخطر من ذلك هو موضوع المال السياسي الذي أثر بشكل كبير على العملية الانتخابية، حيث تمكن بعض الأشخاص من شراء أصوات الناخبين وإقصاء آخرين بوسائل غير مشروعة. للأسف، شاهدنا مظاهر مقرفة تمثلت في إلقاء الأموال على الأرض وانتزاعها من قبل الناس، مما يشكل إهانة لكرامة الإنسان.
نحن بحاجة إلى شخصيات قيادية تتمتع بالنزاهة والشجاعة والصدق، شخصيات تعرف أن صوت المواطن أمانة لا يجوز الاتجار بها. المهم الآن هو أن نختار بحكمة من يصلح لتمثيلنا في البرلمان ومن يمكنه أن يكون عنصرًا فعالًا في تحقيق طموحات الوطن.
في النهاية، علينا أن نتحلى بالوعي والمسؤولية عند اختيار من يمثلنا. الوطن بحاجة إلى من يخدم مصالحه بإخلاص وليس لمن يسعى وراء المنصب فقط. نحن بحاجة إلى مشرعين يعكسون طموحات الأمة ويعملون من أجل مستقبل أفضل لنا جميعًا.