في أواخر القرن التاسع عشر، ومع فقدانهم للحروب غير المتكافئة مع روسيا القيصرية، قررت بعض العشائر الشيشانية الهجرة بحثًا عن بيئة إسلامية تضمن لأبنائهم نشأة صحية في دينهم ولغتهم. كانت وجهتهم المقصودة أراضي الأردن، حيث قطعوا آلاف الكيلومترات بوسائل النقل البدائية عبر الجبال والسهول، ما أسفر عن وفاة العديد منهم تعبا وحسرة. وصل الشيشان إلى الأردن عام 1903، واستقروا في قرى أسسها بعضهم، وسرعان ما نشأت علاقات صداقة وحسن جوار مع العشائر الأردنية.
عندما انتهى الحكم العثماني عام 1918، واجهت الأردن حالة من عدم الاستقرار بسبب غياب الحاكم. وعندما علم الشيشان بقدوم الأمير عبد الله بن الحسين (الملك المؤسس) عبر قطار الخط الحجازي، استبشروا خيرًا بقدوم حاكم من سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع محاولة الفرنسيين اعتراض القطار لمنع وصول الأمير، انطلقت مجموعة من الفرسان الشيشان بقيادة أبو بكر آسندر لحماية القطار، مما أجبر الفرنسيين على التراجع. وبفضلهم، وصل الأمير عبد الله إلى الأردن وأسس إمارة شرق الأردن في 11 نيسان 1921، ليؤكد الشيشان اختيارهم للأردن كمكان لإقامتهم.
في 25 أيار 1946، حصلت الأردن على استقلالها الكامل وأصبحت المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين رحمه الله. عاش الشيشان في الأردن مواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم، حيث احتضنتهم المملكة وضمنت لهم الحفاظ على لغتهم وثقافتهم. وقد استمر الملك حسين بن طلال رحمه الله في تعزيز الهوية الشيشانية، وهو ما يعكس دعم الأسرة الهاشمية لهذه الجماعة. اليوم، يفاخر الشيشان في جمهورية الشيشان بأبناء عمومتهم في الأردن، معبرين عن إعجابهم بقدرتهم على الحفاظ على هويتهم ولغتهم بعد أكثر من 120 سنة من هجرتهم.
تقول كاتبة ومؤرخة في جمهورية الشيشان: "أبلغ من العمر 69 سنة، ولا أزال أذكر الصورة التي كان يحتفظ بها جدي للملك حسين بن طلال، تقديرًا وحبًا للهاشميين لدعمهم للشيشان."
ويقول مساعد مدير اتحاد الكتاب في الشيشان: "إخواننا في الأردن حافظوا على لغتهم بفضل الحريات التي منحها لهم ملك البلد، وأدعو بالتوفيق للهاشميين."
تستمر الأسرة الهاشمية في رعاية جميع أبناء الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، وتعزيز الوحدة بين مختلف الفئات في المملكة، مما يعكس التزام الأردن بنهج الانفتاح والاحترام لكل مكوناته.