نعيش اليوم في واحدة من أصعب مراحل حياتنا، حيث اجتمعت مشاعر تكاد تكون قاتلة حتى لو جاءت منفردة، فما بالك عندما تجتمع سويًا؟ كل واحد منها كالجبل في ثقله، فكيف إذا اجتمعت مشاعر القهر والخذلان والعجز معًا؟ إنه حال من الإحباط والذل الذي يمتد ليطال كل جوانب حياتنا، فلم تعد الحياة كما عرفناها. باتت القيم تُنتَهَك، والإنسانية تُدفن، وكأننا عدنا إلى شريعة الغاب، حيث يتوحش القوي على الضعيف، ويتجبر الغني على الفقير، ولا يُقدّر الصغير مقام الكبير.
هذه المشاعر، عندما تتجمع، تسحق الروح وتخنق القلب، لتترك المرء في حالة من الصراع الداخلي الذي قد يُفضي به إلى اليأس والضياع. يشعر الإنسان حينها أن العالم بأسره بات ضيقًا، وأنه محاصر في زوايا الألم والقهر.
القهر: ألم الظلم والشعور بالعجز
القهر هو ذاك الشعور الموجع الذي يتولد عندما يجد الإنسان نفسه مغلوبًا على أمره، مسلوب الإرادة. إنه إحساس بالعجز التام أمام قوة ظالمة أو ظروف قاسية تفرض عليه واقعًا لا يملك تغييره. هو إحساس يشبه الأسر، وكأنك مقيد اليدين أمام قدر لا يُمكن تغييره. القهر يترك ندوبًا عميقة في الروح، وألمًا لا يزول بسهولة. إن لم يُعالَج، فإنه يتحول إلى استسلام، وربما إحباط لا يُبرأ.
الخذلان: جرح التوقعات العالية
الخذلان يأتي حين تضع ثقتك في أشخاص أو ظروف، وتنتظر منهم الوفاء والدعم، لتُفاجأ في النهاية بأنهم خذلوك، أو أنهم لم يكونوا على قدر الثقة. هذا الشعور يُدمي القلب، لأنه يأتي من حيث لا تتوقع. الأصدقاء، الأحباء، وحتى المواقف التي تبدو واعدة، قد تخونك في لحظة. وعلى الرغم من أن الخذلان جزء طبيعي من الحياة، إلا أن تكراره يفقد الإنسان الثقة بالآخرين، وربما حتى بنفسه.
العجز: غياب القدرة على التغيير
أما العجز فهو الشعور الذي يقيدك حين تجد نفسك غير قادر على مواجهة الظلم أو تغيير واقعك المؤلم. العجز هو رؤية الأطفال والنساء يُقتلون بلا رحمة، والمشاهد القاسية تمر أمام أعيننا وكأنها باتت طبيعية. إنه شعور يشل حركة الروح ويضعفها. البعض يثور، البعض يستنكر، والبعض الآخر، في مشهدٍ مؤلم، يرقص على أنغام القتل والدمار.
نحن اليوم نعيش في زمن الهزيمة والانكسار، ننتظر مظاهرات من طلاب في جامعات غربية لتنطق كلمة حق، بينما طلابنا في سبات عميق. نتحدث في مجموعات الواتساب عن خطط العدو، وعن خارطة رسمها قادة الغطرسة والتدمير، لكننا لا نتحرك، لا نتألم، ولا حتى نعلق.