في ظل نكبة فلسطين عام 1948م، برزت أسماء رجال كبار قادوا مجتمعاتهم بحكمة وشجاعة، وكان الشيخ عبد الفتاح درويش واحداً من هؤلاء القادة، إذ كان شيخ مشايخ قرى بني حسن في تلك الفترة الصعبة. عُرف بصلابته في الدفاع عن قريته المالحة التي كانت تواجه الهجمات الإسرائيلية، وكان له دور بارز في حماية المسجد العمري (مسجد عمر بن الخطاب)، الذي يُعد من أقدم المساجد في المنطقة.
الشيخ عبد الفتاح لم يكن فقط زعيماً عشائرياً، بل جسد قيمة الحماية والدفاع عن المقدسات الإسلامية.
في تلك الأوقات العصيبة، لعب الشيخ عبد الفتاح درويش دوراً محورياً في تنظيم جهود الدفاع عن قرى بني حسن، وتحديداً قرية المالحة التي كانت تحت التهديد المستمر. كان المسجد العمري رمزاً دينياً وتاريخياً، ومكاناً يلتف حوله أبناء القرية للصلاة وللتشاور حول كيفية مواجهة القوات الإسرائيلية. بفضل جهود الشيخ عبد الفتاح وقيادته الحكيمة، تمكن أهل المالحة من الصمود لفترة طويلة أمام الهجمات، حيث شكّل المسجد نقطة تجمع واستنهاض للعزائم.
المسجد العمري، الذي يعود تاريخه إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كان يحمل في طياته رمزية دينية عميقة. أدرك الشيخ عبد الفتاح أهمية الحفاظ عليه، ليس فقط كمكان عبادة، بل كرمز للصمود الوطني والهوية الفلسطينية. كان يشرف بنفسه على تنظيم الحراسة حول المسجد، ويحث الشباب على التكاتف والدفاع عن قريتهم ومقدساتهم.
ورغم التحديات الكبيرة التي واجهها الشيخ عبد الفتاح وأبناء بني حسن، استطاعوا بفضل تكاتفهم وصمودهم تقديم مقاومة قوية ضد محاولات الاحتلال لاحتلال القرية وتدمير المسجد. ورغم سقوط القرية لاحقاً بيد القوات الإسرائيلية، بقيت قصة الشيخ عبد الفتاح درويش ودوره البطولي في حماية المسجد العمري رمزاً للصمود والشجاعة في مواجهة الاحتلال.
تظل هذه القصة شاهداً على حقبة تاريخية هامة، وعلى زعيم عشائري حمل مسؤولية حماية أرضه ومقدساته بإيمان عميق وإرادة لا تلين، ليبقى المسجد العمري في ذاكرة الأجيال كموقع مقدس وشاهد على تاريخ النضال الفلسطيني.