"كما تعلمون، لقد كنت هناك"، تصريح لا لبس فيه أطلقه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن ما قال إنه زيارة قام بها إلى غزة.
تصريح ترامب جاء خلال مقابلة مع مذيع الراديو الأمريكي هيو هيويت، ليكشف لأول مرة عن رحلته الغامضة تلك إلى غزة.
وأوضح ترامب: "قد تكون أفضل من موناكو. فهي تتمتع بأفضل موقع في الشرق الأوسط، وأفضل مياه، وأفضل كل شيء. إنها الأفضل، لقد قلت ذلك لسنوات. كما تعلمون، لقد كنت هناك، وكانت صعبة. إنها مكان صعب، قبل الهجمات وقبل كل ما حدث على مدار العامين الماضيين".
ولم يحدد ترامب متى قام بهذه الزيارة سيما وأن غزة تقع تحت سيطرة حركة حماس في منتصف العام 2007.
وكان ترامب زار الأراضي الفلسطينية ولكن في العام 2017 عندما كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية والتقى حينها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية.
وتبعد بيت لحم عن غزة أكثر من 73 كيلومترا.
هل حدث الأمر سابقا؟
تاريخيا كان الرئيس الأمريكي الوحيد الذي زار غزة هو الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في شهر ديسمبر/كانون الأول 1998 حيث شارك بجلسة للمجلس الوطني الفلسطيني إلى جانب الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وزار رؤساء أمريكيون مدينة رام الله بينهم باراك أوباما في مارس/ أذار 2013، والرئيس جورج دبليو بوش في يناير/كانون الثاني 2008.
وكان الرئيس الحالي جو بايدن زار بيت لحم في يوليو/تموز 2022، وزار أيضا إحدى المستشفيات بالقدس الشرقية ليؤكد على وضع القدس كإحدى قضايا الحل النهائي.
ولكن خلال تولي السلطة الفلسطينية للمسؤولية عن غزة منذ 1994 وحتى الوقت الحالي مرورا بسيطرة حماس على غزة منتصف العام 2007، لم يسجل أبدا وصول ترامب إلى غزة ولا حتى قبل ذلك عندما كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت شبكة "سي ان ان" الأمريكية على موقعها الإلكتروني: "لا يوجد دليل علني على أن ترامب زار غزة، التي تحكمها حركة حماس منذ عام 2007، ومن المؤكد أنه لم يذهب إلى غزة بصفته رئيسًا، ولم تجد شبكة سي إن إن وصحيفة نيويورك تايمز وصحيفة واشنطن بوست أي دليل على قيامه بزيارة سابقة".
فعلا أم مجازا؟
وأضافت: "ربما كان يقصد فقط أنه زار الأراضي الفلسطينية، حيث زار الضفة الغربية في عام 2017؟ أو ربما كان يتحدث فقط عن زيارته للمنطقة الأوسع".
واستدركت: "لا، قالت حملة ترامب إنه كان يعني ما قاله عن زيارته لغزة على وجه الخصوص، وأصرت الحملة على أن الادعاء صحيح".
ونقلت عن المتحدثة باسم الحملة كارولين ليفيت قولها: "لقد زار الرئيس ترامب غزة سابقًا وعمل دائمًا على ضمان السلام في الشرق الأوسط".
ولكن "سي إن إن" أشارت إلى أنه "مع ذلك، لم تقدم ليفيت أي تفاصيل عن رحلة ترامب المفترضة إلى غزة. ولم ترد عندما طلبنا مرارًا وتكرارًا حتى المعلومات الأكثر أساسية، مثل عام الزيارة المفترضة".
وقالت: "لذلك كنا متشككين للغاية، لأن ترامب لديه تاريخ طويل في اختلاق الأمور، بسبب الافتقار إلى الأدلة العامة، لأن صحيفة تايمز أوف إسرائيل ذكرت أن ترامب لم يزر إسرائيل حتى قبل رئاسته، ولأن حملة ترامب قدمت تعليقًا مختلفًا جوهريًا لصحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق من يوم الإثنين".
وأضافت: "لم يذكر التعليق السابق، الذي قدمه مسؤول الحملة بشرط عدم الكشف عن هويته، أن ترامب زار غزة بالفعل. ولكن بدلاً من ذلك، حاول المسؤول المجهول في الحملة الترويج لشيء ما، فقال بشكل صحيح إن ترامب زار إسرائيل، لكنه قال خطأً إن غزة تقع في إسرائيل".
وتابعت: "سألنا ثلاثة مسؤولين سابقين في إدارة ترامب عملوا في سياسة الشرق الأوسط عما إذا كانوا يعرفون أي دليل على ادعاء الرئيس السابق، وادعاء الحملة لشبكة سي إن إن، بأن ترامب زار غزة نفسها. قال الوحيد الذي رد، مساعد وزير الخارجية السابق المعين من قبل ترامب لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "بقدر ما أعلم، لم يسافر إلى هناك قط. لم يذهب في عام 2017 عندما زار إسرائيل. أعتقد أن هذه القصة ربما انتهت بالفعل".
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أنها قامت بالمزيد من البحث الجديد بلا جدوى أيضًا.
البحث عميقا
وقالت: "أخبر مساعدو ترامب شبكة سي إن إن يوم الثلاثاء أن الرئيس السابق قال بشكل خاص إنه ذهب بالفعل إلى غزة وأن تعليقه في مقابلة يوم الإثنين لم يكن خطأ. لكن هؤلاء المساعدين لم يتمكنوا من تقديم أي تفاصيل حول رحلته المزعومة، بما في ذلك متى سافر، ولماذا ذهب أو من كان معه".
وأضافت: "لم يستجب ديفيد فريدمان، الذي شغل منصب سفير ترامب في إسرائيل، وجيسون جرينبلات، وهو مسؤول تنفيذي سابق في منظمة ترامب أصبح الممثل الخاص لترامب للمفاوضات الدولية، على الفور لطلباتنا بالتعليق يوم الثلاثاء".
وتابعت: "وبما أننا كنا مصممين على منح زملاء ترامب وأنصاره كل فرصة ممكنة لإثبات هذا الادعاء، فقد اتخذنا أيضًا خطوة نادرة في وقت متأخر من ليلة الإثنين من خلال تقديم طلب عام على منصة "إكس" للحصول على أي معلومات مؤكدة، ولكن حتى ظهر يوم الثلاثاء، لم يرد أحد بأي شيء".