في عوالم الدفاع والأمن والسياسة، قلما نجد شخصيات تجمع بين العمل العسكري الاحترافي والرؤية الأكاديمية العميقة، إلا أن اللواء الركن الدكتور طلال بني ملحم يمثل استثناءً لافتاً في هذا السياق. من شفا بدران في العاصمة الأردنية عمان، أطلق بني ملحم مسيرته التي امتدت عقوداً حافلة بالعطاء والتفاني.
بدأ مسيرته العلمية بعد التحاقه بكلية ساندهيرست العسكرية الملكية في إنجلترا، ليتخرج منها عام 1980، وانطلق بعدها ليواصل تعليمه الأكاديمي، وصولاً إلى درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة العلوم الإسلامية العالمية في الأردن عام 2015.
وبينما كانت خبرته الأكاديمية تتوسع، كانت مسيرته العسكرية تترسخ بمناصب قيادية، شغل خلالها رئاسة هيئة الاستخبارات ومديرية الاستخبارات العسكرية في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية الجيش العربي سابقاً.
لم يكن اللواء الركن بني ملحم مجرد قائد عسكري، بل هو مستشار أمني، وناقل للمعرفة من خلال محاضراته المتخصصة التي يقدمها في الأردن وخارجها، مثل بريطانيا وتركيا والإمارات.
ويشغل منذ عام 2018 منصب كبير المستشارين في مركز الجامعة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، حيث يسهم ببناء برامج تدريبية متقدمة.
إلى جانب ذلك، أجرى الدكتور بني ملحم أبحاثاً أكاديمية حول قضايا الأمن والسياسة الخارجية، وشارك في مؤتمرات دولية، بما في ذلك مؤتمر جامعة الدفاع الوطني في واشنطن ومؤتمر في بولندا حول دور الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط بعد الربيع العربي. هذا المزيج بين المعرفة النظرية والخبرة الميدانية يجعل بني ملحم أحد أبرز الشخصيات الأردنية المؤثرة في المجالات الأمنية والاستراتيجية.
على خطى القيادة والاستراتيجية، يبقى اللواء الركن المتقاعد الدكتور طلال بني ملحم قدوة للأجيال الشابة، بتفانيه في خدمة وطنه، وسعيه الدؤوب لتعزيز الأمن الوطني ونقل خبراته إلى الأجيال المقبلة من القيادات والمستشارين الأمنيين.
قيم وطنية ورسالة أكاديمية عابرة للحدود
يمثل اللواء الركن الدكتور طلال بني ملحم نموذجاً للرؤية الوطنية المدروسة، إذ لم يقتصر دوره على تعزيز الأمن الداخلي، بل امتدت إسهاماته لتشمل قضايا الأمن القومي في سياقها الإقليمي والدولي. يعمل بني ملحم باستمرار على تحليل المشهد الأمني والسياسي، ويستخدم هذه الرؤية لدعم استقرار المنطقة، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجهها الدول العربية.
لم تكن مسيرته الأكاديمية مجرد خطوات للحصول على الشهادات، بل كانت انطلاقة لتحقيق هدف أسمى، وهو نقل العلم العسكري والاستراتيجي للأجيال الشابة في الأردن وخارجه.
بصفته مستشاراً أمنياً وكبير المستشارين في مركز الجامعة العربية للدراسات الأمنية، بات بني ملحم مشاركاً رئيسياً في وضع أسس السياسات الأمنية التي تساعد على حماية استقرار الدول العربية وتعزيز دفاعاتها.
إسهاماته في المجتمع المدني والإعلامي
بعيداً عن دوره العسكري والأكاديمي، يحرص اللواء الركن المتقاعد بني ملحم على التواصل مع المجتمع المدني، حيث يشارك في الندوات والمحاضرات التي تساهم في رفع وعي المجتمع بالقضايا الأمنية والتحديات التي تواجه الأردن والمنطقة. وقد ساهمت هذه المحاضرات في ترسيخ ثقافة الحوار والتفكير النقدي لدى الشباب، وتشجيعهم على مواكبة المتغيرات الدولية من منظور واعٍ ومسؤول.
كما يعتبر بني ملحم من الأسماء الأردنية التي تبرز في الإعلام، حيث يظهر بشكل دوري في وسائل الإعلام المحلية والدولية لتحليل الأوضاع الأمنية والسياسية، وهو ما يجعله شخصية مؤثرة تساهم في تشكيل الرأي العام وإثراء المحتوى الإعلامي بقضايا حيوية تتصل بأمن المنطقة واستقرارها.
نظرة مستقبلية ورؤية ملهمة
يستعد اللواء الركن المتقاعد الدكتور طلال بني ملحم لاستكمال مسيرته في مجال الأمن والتعليم، ويطمح إلى تأسيس جيل جديد من الخبراء الأردنيين في مجال الدراسات الاستراتيجية والأمنية.
يرى في الشباب القوة الدافعة لبناء مجتمع قوي وآمن، ويؤكد على أهمية تكوين رؤية مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات السريعة على الساحة الدولية.
يظل بني ملحم أحد الشخصيات التي تترك بصمة واضحة في المشهد الأردني، ليس فقط بفضل إنجازاته المهنية، بل بفضل إخلاصه وإيمانه بأن الأردن قادر على مواجهة التحديات بفضل خبراته ووعي أبنائه.