في الخامس عشر من ديسمبر عام 2023، قدّم الأردن شهيدًا من خيرة أبنائه، الشهيد العميد الدكتور عبدالرزاق عبدالحافظ الدلابيح، نائب مدير شرطة محافظة معان، الذي ارتقى أثناء قيامه بواجبه في حفظ أمن الوطن وحماية مواطنيه.
وُلد الشهيد الدلابيح عام 1977 في محافظة جرش، حيث نشأ وترعرع على حب الوطن والتفاني في خدمته. تميّز بمسيرته العلمية والعملية، إذ حصل على درجة البكالوريوس في القانون العام من جامعة مؤتة عام 2000، ثم واصل سعيه العلمي ليحصل على الماجستير في القانون الدولي من جامعة جرش عام 2015، وقدّم رسالة متميزة حول "جريمة اختطاف الطائرات في القانون الدولي". وفي إطار طموحه العلمي، نال درجة الدكتوراه في القانون الدولي وألّف كتابه المعروف "المنظور الاستراتيجي للمحكمة الجنائية الدولية" الصادر عام 2020.
مسيرة الشهيد المهنية كانت حافلة بالعطاء والإخلاص، فقد تدرج في العديد من المناصب القيادية ضمن مديرية الأمن العام، حتى شغل منصب نائب مدير شرطة محافظة معان. كما مثل الأردن في بعثة الأمم المتحدة في دارفور بالسودان بين عامي 2016 و2017، وكان له دور بارز في التعليم والتدريب العسكري كأستاذ مساعد ونائب عميد في أكاديمية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للحماية المدنية.
في يوم استشهاده، وبينما كان يؤدي واجبه الوطني في التعامل مع أحداث شغب بمنطقة الحسينية في محافظة معان، تعرّض الشهيد الدلابيح لإصابة غادرة أودت بحياته، ليكون بذلك مثالًا حيًّا على التضحية والوفاء للأردن.
جاءت ردود الفعل الشعبية والرسمية على استشهاده معبّرة عن حجم الفقد والألم الذي تركه، حيث نُعي في مختلف أنحاء المملكة بكلمات تقدير وفخر بتضحياته الكبيرة.
وفي الذكرى الأولى لاستشهاده، حرص ذوو الشهيد وأصدقاؤه ومحبوه على إحياء ذكراه بتنظيم فعاليات تخلّد سيرته الطيّبة. ولم تتوانَ المؤسسات الوطنية عن تكريمه، إذ أطلقت مستشفى الاستقلال اسمه على قاعة التدريب الرئيسية تكريمًا لعطائه وتخليدًا لتضحياته.
إن استشهاد العميد الدكتور عبدالرزاق الدلابيح لم يكن إلا امتدادًا لتاريخ من التضحيات التي سطّرها الأردنيون بدمائهم الطاهرة، ليبقى الوطن حرًّا ومستقرًّا. إن مثل هذه المواقف البطولية تظل خالدة في الذاكرة، تُعلّم الأجيال القادمة معنى الانتماء والولاء.
رحم الله الشهيد عبدالرزاق الدلابيح، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وجعل تضحياته نبراسًا يُضيء دروب العزة والكرامة لهذا الوطن الغالي.