على سفوح المروءة وعند تخوم الشهامة، ينبري الشيخ هاني الحديد رمزا من رموز الكرم الأردني الأصيل، ومثالاً يحتذى به في الجود والبذل دون مقابل. في قلب هذه الأرض التي أنجبت أبطالاً وحكماء، يأتي الحديد ليعيد صياغة مفهوم الكرم، ليس كفعلٍ مؤقتٍ ينتهي بانتهاء الحاجة، بل كحالةٍ دائمة تُعبر عن جوهر الإنسان الأردني.
الشيخ هاني الحديد، بمضافته التي تُشرع أبوابها للأردنيين وغير الأردنيين على السواء، يمثل حالة استثنائية من السخاء. فما أن تلج تلك المضافة العامرة حتى تستقبلك أنفاس الكرم وروح الأصالة؛ فهناك تجد البشاشة مرسومة على الوجوه، وترى القهوة تغلي في دلالها، وكأنها رمزٌ خالد لاستمرار العطاء.
لقد استطاع الشيخ الحديد، بحكمته ونبله، أن يحول مضافته إلى نقطة التقاءٍ لكل من أرهقه تعب الحياة أو أعيته دروبها. تجد في كرم استقباله معنى يزيل عن النفوس ثقل الهموم، فهو لا يقدم ضيافةً تقليدية فقط، بل يغرس في قلب كل زائر شعورًا بالاحتضان والانتماء. مضافته ليست جدراناً وأثاثاً، بل هي فضاءٌ مفتوح للروح قبل الجسد، حيث تجد الحكمة في حديثه، والنصح في رأيه، والود في صحبته.
ليس من الغريب أن يُضرب به المثل في الكرم؛ فالشيخ الحديد ليس مجرد شخص كريم، بل هو مدرسة قائمة بذاتها. من خلال أفعاله، يعلمنا أن الكرم لا يقتصر على تقديم الطعام أو الشراب، بل يشمل الوقت الذي يقدمه للآخرين، والمشورة التي يبذلها بسخاء، والقلب الذي يتسع لكل محتاج.
إن ما يميز هذا الكرم الفريد هو البساطة النبيلة التي تميزه، حيث لا يُثقل كاهل الضيف بتوقعات، بل يعامله كملكٍ متوج في رحابه. يتحدث أهل الأردن عن الشيخ هاني الحديد بفخرٍ وإجلال، فهم يرونه رمزًا حياً للقيم التي تربوا عليها، وكأنه امتداد لتاريخ حافل بالمآثر الخالدة.
لعل الأهم من كل ذلك هو أن مضافته ليست حكرًا على جهة دون أخرى، بل هي عنوانٌ للوحدة الوطنية والتآخي. ففيها تتلاشى الفروقات وتتحد القلوب، حيث تجد الفلاح إلى جانب العامل، والمثقف بجانب صاحب الحرفة، والكل يذوب في نسيجٍ واحدٍ من المودة.
إن الحديث عن كرم الشيخ هاني الحديد هو حديث عن قامة شامخة، لا تعرف الكلل أو الملل في سبيل إسعاد الآخرين. إنه ذلك السند الذي يقف وراء الكثيرين في وقتٍ تراجعت فيه بعض القيم، ليعيد للأذهان صورة الأردني الذي لا يغلق بابه في وجه أحد.
في النهاية، يبقى الشيخ هاني الحديد عنوانًا مضيئًا للكرم العربي الأصيل، ورايةً مرفوعة في سماء الأردن، تذكرنا أن الجود لا يُشترى بالمال، بل يُغرس في النفوس التي لا تعرف سوى العطاء.