فسيفساء من المحبة ..فسيفساء الوئام الديني: معراج إلى الاستقرار الوطني
بقلم: د.سهام الخفش
في أجواءٍ ملؤها المحبة والتسامح، افتتحت الشاعرة فيلومين نصار، بكفاءتها وبراعتها، محاضرة بعنوان "الوئام الديني والفسيفساء الوطنية” في أروقة قاعة اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين. بحسها الإنساني العميق، قدمت المتحدثين وأكدت أن "الله محبة”، مشددةً على أن جوهر الدين هو التآخي والسلام، وأن الوئام الديني يجب أن يكون عنواناً لعلاقاتنا كبشر على هذه الأرض.
المحاضرة التي أضاءها القس سامر عازر، المهندس ضيغم القسوس، والبروفيسور محمد وهيب، حملت رسالة إنسانية نبيلة تعكس صورة الأردن كنموذج يحتذى به في التعايش والتسامح.
القس سامر: الدين محبة والإنسانية هي الأساس
استهل القس سامر عازر حديثه برسالة عميقة تلخص روح الفسيفساء الوطنية: "لا تسألني عن ديني، ولا تنقد ما أعتقد، بل اسأل عن إنسانيتي ومحبتي للناس، لأن الله محبة”. وتابع قائلاً: "نقِّ قلبك، وصَلِّ أينما تريد. فالصلاة ليست مكاناً بقدر ما هي حالة نقاء وصفاء داخلي. الله ينظر إلى قلوبنا قبل أن ينظر إلى أفعالنا”. هذه الكلمات لخصت جوهر الوئام الديني، حيث يتجاوز الإيمان حدود الطقوس ليصل إلى عمق المحبة والإنسانية.
المهندس ضيغم القسوس: قلق مشروع وتفاؤل حذر
أعرب المهندس ضيغم القسوس عن مخاوفه من العام 2025، مستذكراً المآسي التي عصفت بغزة وما حملته من سياسة تهجير وقتل ودمار. تساؤله كان صرخة تعبر عن حالة القلق من أن تحمل السنة الجديدة المزيد من المآسي. ومع ذلك، دعا ضيغم إلى أن يكون الوئام الديني سبيلاً للسلام والتخفيف من آلام الشعوب التي أنهكتها الحروب.
البروفيسور محمد وهيب: الفسيفساء الوطنية جذور تمتد في التاريخ
سلط البروفيسور محمد وهيب الضوء على البعد التاريخي للوئام الديني في الأردن، مستعرضاً الأماكن الدينية التي تعكس عمق التعايش المشترك. من كهف عيسى في أم قيس ومقامه في أم رمان، إلى كنائس المغطس البالغ عددها سبعة عشر، حيث اجتمع أكثر من أربعين ألفاً للاحتفال. هذه المواقع ليست مجرد آثار، بل شواهد على تاريخ عريق من التآخي والمحبة بين الأديان.
الوئام الديني: رافعة للوطن
أكد القس سامر عازر بمحاضرته التي لاقت استحسانا وتصفيقا حارا من الحضور اللافت من المثقفين والادباء .
في الأردن، الوئام الديني ليس مجرد حالة اجتماعية، بل هو ركيزة أساسية للاستقرار السياسي والاجتماعي. الوصايا الهاشمية التي تحمي المقدسات الإسلامية والمسيحية وتجعلها رمزاً للعيش المشترك، تمثل نموذجاً يُحتذى به في التسامح. إدراج قيم التسامح في المناهج الدراسية، وتطوير الخطاب الديني والإعلامي، هو السبيل لتعزيز هذا الوئام وضمان استمراره.
رسالة للعام الجديد: دعوة للوئام والسلام
مع بداية عام 2025، تبرز الحاجة الملحة إلى الوئام الديني أكثر من أي وقت مضى. إنها دعوة لوقف الحروب، لتضميد الجراح، وللعودة إلى جوهر الأديان السماوية: المحبة والإنسانية.
الأردن، بفسيفسائه الوطنية التي تعكس تنوعه وتآلفه، يقدم للعالم نموذجاً فريداً للتعايش. إنها دعوة لأن نكون دعاة سلام ومحبة، وأن نعمل معاً لبناء مستقبل أكثر إشراقاً للجميع. فلنرتل معاً: "على الأرض السلام، وفي الناس المسرة