والله إنها لمشاهد تدمى لها القلوب وتعتصر لرؤيتها الأفئدة.
ويقف العقل عاجزا أمام هولها.
شتاء قارص لا يرحم لا الأطفال ولا الشباب ، فما بالنا بالشيوخ والعجائز.
خيام بالية متهالكة انهكتها غزارة الأمطار والثلوج التي لا تجديد معها نيران المواقد وحرق الأخشاب.
لكن نيران القلوب ولهيبها قد تكون بردا و سلاما على الثكلى والجرحى والمصابين.
نعم تكون بردا وسلاما على أولئك الذين لا حول لهم ولا قوة إلا الله ، إلا الاعتصام بحبله المتين ، بعد ماكان تخلى عنهم القريب والحبيب وتركهم فريسة للجوع والعطش والبرد القارص ، فمن لم يمت بطلقات نيران غادرة ومدافع محشوة بالغل والبغض والكره ، لا على غزة ، فما غزة إلا كبش فداء ، ثار على الظلم ووقف ضد الطواغيت ، وإنما غل وحقد دفين على أمة الإسلام.
فمنذ القدم والمكائد يدبرها بنو صهيون مستخدمين كل قواهم فى البطش والتنكيل ، بالمكر السئ تارة ، وبالمداهنة تارة أخرى.
وخيبر وبنو قينقاع خير شاهدين على ذلك.، ومن قبل ذلك حيلهم وخداعهم وتنطعهم على الله ، يوم سبتهم ، وقولهم ارنا الله ، وقولهم لموسى ، أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون.
نعم أيها المجموعون من الشتات ، يا جماعة اللقطاء أتتكم الفرص على طبق من ذهب وقد استغلالتوها أحسن استغلال بالنسبة لكم ، فاصابنا ما أصابنا نحن المسلمون.
ألا لعنة الله على بلفور ووعده ومن وقع وبارك بروتوكولات آل صهيون.
ألا لعنة الله على كل من ساهم في استيطانهم بلاد وديار المسلمين.
ألا لعنة الله على كل من جعلنا وجعل مقدراتنا ألعوبة في أيدي الملاعيين.
ألا لعنة الله على تلك العنصرية الكريهة التي تكييل بمكاييل ، يرون الأطفال تذبح ، والبيوت تتهدم ، والأطفال الخدج يبادون ، ويتباكون على بني صهيون ، بعبارات تفوح منها رائحة النتانة ، من حقهم الدفاع عن أنفسهم.
أي حق يا رعاة القتل الممنهج بدم بارد ، خيبكم الله وخيب مساعييكم
ضد من يا أبالسة العصر ؟
أضد طفل أعزل ، أم ضد شيخ متكأ على منسأته ، أم ضد إمرأة فقدت جميع أولادها وسقط سقف منزلها على رأسها.
حتى مقابر الشهداء جرفتموه وأخرجتم أشرف جثامين من أكفانها وتركتموها عرضة للذئاب تنهشها، تالله ، إن الذئاب أرحم عليهم منكم.
ألا لعنة الله على كل متشدق بسلام يقوم على هتك الأعراض ، وتهجير الآمنين وإخراجهم من بيوتهم.
يقول تعالى
(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ، وإن الله على نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق).
نعم بغير حق ، ولو كان لأحد حق في أرضنا فليأت وليشير إليه ليأخذه ، لكن ألا نامت أعين الجبناء.
إنها سياسة من لا سياسة له ، سياسة الهمجية وشريعة الغاب ، شريعة الاستقواء بالغرب الأوروبي ، وبأمريكا ، نعم إذا ما سألت عن أي مصيبة تحدث فى العالم فسئل عنها هؤلاء الذين لا يريدون سلاما لماذا.؟!
لعدة أمور
أولتها: بسط الهيمنة والسيطرة عن طريق أذرعهم في كل مكان ، إن عن طريق تدشين القواعد العسكرية ، برا وبحراً وجوا.
أو عن طريق استعمال الحكام وإغرائهم بالمال ، ومساعدتهم على البقاء على كراسيهم.
وثالثتها: تدريب المرتزقة في معسكرات معلوم أماكنها في ولايات بعينها في أمريكا بمسمياتها المختلفة لاستخدامهم كقوة ردع ، تحارب الآمنين وتمعن فيهم القتل.
الرأي عندي إن هؤلاء ومن شايعهم لا يريدون خيرا لنا ولأمتنا العربية والإسلامية ، منذ متى كان هؤلاء يريدون المصلحة لنا ، نشطوا ذاكرتكم قليلا وأدرسو التاريخ جيدا ، وتدارسو قول الله تعالى
(ولا تأمنوا إلا لمن تبع دينكم)، وقوله تعالى
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا)
يا قادة أمة محمد ، الغوث الغوث الغوث ، فأطفال غزة الذين يموتون متجمدين من البرد القارص سيمسكون برقابكم يوم القيامة يطلبون من الله القصاص منكم.
يا حكام العرب والمسلمين ، اليد الواحدة لا تصفق ، المؤتمرات تحاك ضد أمتنا العربية والإسلامية ، ضاعت العراق ، وضاعت ليبيا ، والسودان ، ونتمنى ألا تضيع سوريا ، وغزة تباد.
اتحدوا يرحمكم الله فالذئاب لا تأكل إلا الغنم القاصية.
التفوا حول مصر العروبة لا تتركوها تجاهد وحدها ، فالمخطط واضح ، وحلم الشرق الأوسط الجديد لاحت فى الأفق بشائره السوداء.
ولتلتفت قلوبكم إلى هؤلاء الأطفال المستجيرون بكم ، الملوذون بحماكم فاجيروهم واجبروا كسرهم ، فهؤلاء أمانة في أعناقنا جميعا ، كل في مكانه.
وأخيرا لا تزايدوا على من يقف وقفات حقيقية من أجل ألا تنتهي القضية الفلسطينية ، مدافعين عنها بكل ما أوتوا من قوة ، وليعلم الجميع أن مصر هي الدولة الوحيدة التي خاضت حربا ضروسا وجها لوجه ضد هؤلاء ، وهم يعلمون جيدا ذلك.
لذا كل همهم المكافأة الكبرى ، مصر ، لكنه لن يحدث ذلك أبدا ، شريطة أن يلتف كل العرب حول بعضهم البعض.
يا أمة محمد افيقوا من غفلتكم واستجمعوا قواتكم ودافعوا عن حرماتنا وعن مقدساتنا ، كونوا جميعا الخليفة المعتصم ، كونوا جميعا صلاح الدين ، كونوا جميعا العز بن عبد السلام.