طلب مني زميلي من محافظة أخرى قبل( ١٨ ) سنة ، كنت قد زاملته في الجامعة قبل (٢٥) سنة صداقة سطحية و لكنه صاحب خلق ودين أن أتصل مع والد خطيبته وأهلها لكي أقنعهم بعدم فسخ الخطوبة ؛ بسبب تضايق الأهل والخطيبة من فقر صهرهم المدقع ، حيث أزداد فقراً بعد وفاة والده ووالدته و تحمله لأعالة أخوته من الإناث ، مما تسبب في فقر صديقي لدرجة كبيرة .
بالفعل إتصلت مع والد البنت بشكل متكرر بعدما عرفت على نفسي بأنني صديقه من الطفيلة و درست معه في الجامعة وكان كل مرة يغلق الهاتف في وجهي قائلاً :" يا مرافي يشهد الله أنني ما بهمني المال والهدايا ، صديقك منذ سنة ونصف بخلان على خطيبته بقزازة عطر وباقة ورد ، مش لهدرجة يا مرافي ، ابنتي تبكي يومياً تريد فسخ الخطوبة يا أخي يضحك عليها ويجاملها، صديقاتها بحكن معها شو جاب الك خطيبك هدايا وعطور وصراحة العائلة والأبناء ما بحبوه " .
وبعد محاولات أقنعت الوالد بعدما اتصلت معه منفرداً وأخبرته أن صهره درس معه في الجامعة وكان يمضي وقته في المسجد و قيام الليل وتمسكه في رعاية إخوته دلالة على نبل أخلاقه وطهارة نفسه وأقنعته سوف يكون له كأبنه في شيخوخته .
وافق بالفعل وتزوج صديقي ولكنه لم يقم حفلة كبيرة لخطيبته وتزوج بشكل عفوي دون تكاليف، مما جعل حماه وحماته والأهل يشعرون بالغضب منه ، حيث اشترطوا أن يتزوج أبنتهم ولا يزورهم في البيت بسبب معارضة الأم والأبناء الذكور للزواج أصلاً و بسبب ما حدث بعد الزواج من عدم مقدرة الصهر على تلبية تكاليف الحفلة حتى أنه عجز عن دفع تكاليف الصالون و غيرها .
بعد زواج صديقي بيومين أتصل حماه معي قائلاً :" صديقك فضحنا أمام الناس بفقره وعجزه عن القيام بتكاليف العرس وأجرة الصالون لو حدثني بالسر لدفعت عنه أجرة الصالون دون علم ابنتي والعائلة . أشعر أنك خدعتني يا مرافي في صديقك لو فسخنا الخطوبة ولا هالأحراج " .
فرديت عليه:" يا حج أنت رجل كبير في السن ، هذا مكسب الك في المستقبل والمال مش كل شيء أهم شيء الخلق والدين وراح يصبح سند الك في المستقبل " فرد عليَّ قائلاً :" الله بعلم أنني لا أقدس المال ولكن الفأس وقعت في الرأس خلص فات الفوت وتزوج و لا تريد العائلة أن تشاهد وجهه مرة أخرى ، الأم والأبناء زعلانين مني ، بحكو ليش رديت على الشاب المرافي، هذا صديقه و المرافي خدعنا فيه، وأضاف أخبر صديقك بهذا الكلام " .وأغلق الهاتف وهو يردد( الله لا يسامحك أن كنت كذاب "" .
بعدها لم أخبر صديقي بما قاله حماه ولكنني أوصيته به خيراً ، وقتها غضبت مني زوجتي قائلة :" وضعت نفسك في موقف محرج، لا عمرك تنصح ولا تتدخل في أمور الزواج، إذا ما بتنعدل راح احكي لعمي (والدك) يحط الك حد أنت زودتها كثير تتدخل فيما لا يعنيك ، طلع صديقك مزيف ووالد البنت وضع الحق عليك " .
بعد مرور (٣) سنوات من زواج صديقي ، مرض والد زوجته مرضاً شديداً أقعده في الفراش ، فلا يستطيع القيام و لا الذهاب إلى الحمام و كان في حالة من الحياء الشديد تجاه أبنائه الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع حاجات كبير السن ، حيث كان يقول للناس:" ابنائي عبارة عن أجانب لا يشعرون في عاطفة الأبوة تجاه والدهم، فهم منشغلون بهموم وزخارف الحياه و زخارفها " مما جعل والدهم يشعر بالإحراج في الطلب منهم بتقديم الرعاية الخاصة من نقله إلى الحمام وتنظيفه مما دفع بصهره إلى القيام بخدمته وتنظيفه عنوة رغم أن حماه ينحرج من هذا العمل ، و كنت دائما أحثه على عمل الخير تجاه حماه وأوصيه بالقيام برعايته على أكمل وجه كونه بمنزلة والده ووالد زوجته و جد أبنائه .
استمر صديقي بهذه الرعاية حتى أنه كان يمدد إجازته ويمضي وقته معه طوال النهار والليل والأبناء يراقبون والدهم من بعيد ويشعرون بالإمتعاظ بسبب تلك العلاقة الوطيدة التي أصبحت تربط زوج أختهم بوالدهم ، حيث كانوا لا يتحدثون معه قبل ذلك بسبب عدم قدرته على الوفاء بتكاليف الزواج .
كانوا الأبناء الذكور ينتظرون وفاته، لكي ينتهوا من معاناة والدهم بسبب المرض . و في تلك الفترة كان صديقنا يستمر بعنايه حماه حتى شفي تماماً وعادت إليه الروح من جديد ، فلما عادت إليه الروح أصبح يدرك أن صهره مكسب له ولإبنته مما حدا به إلى تغيير علاقته مع صهره بعدما كان يقاطعه ولا يتحدث معه ، وأصبح حماه يزوره بإستمرار ويقوم بإحضار الكثير من الأشياء الثمينة لبيت ابنته بعدما أصبح مقتدراً ، حيث باع جزء من أرضه على مستثمر وأشترى بالنقود محال و شقق سكنية تدر الكثير من الأموال وكان في كل زيارة يعطي أحفاده المال حتى أن صديقي قد ذكر أنه عندما انجبت زوجته طفلة قام حماه بتقديم المال فيما يعرف (بالنقوط ) إلى الطفلة سراً في مغلف تفاجأ بأن النقوط (٣٠٠٠) دينار ، ولاحقاً أصبح صهره أميناً على ممتلكات حماه (عمه) بعدما سافر الأبناء إلى خارج البلد للعمل .