تقوم أجهزة الأمن والشرطة على ثنائية مفاهيمية تجمع بين "سلطة الدولة" لإنفاذ القانون، و"الخدمة الأمنية المجتمعية"، وعلى الرغم من أن المفهومين يبدوان متناقضين، إلا أنهما متكاملان في جوهرهما.
ذلك أنها تمارس السلطة على المخالفين للقانون وهم الأقلية، بينما الغاية الأساسية لهذه الأجهزة تحقيق أمن واستقرار المجتمع، وهذا يجعلها في جوهرها خادمة له، وهو على ما يبدو المبدأ الذي استند إليه شعار "الشرطة في خدمة الشعب". ويترتب تبعاً عليه، أن يكون رجل الأمن خادماً لمجتمعه، لا سلطاناً أو متسلطاً عليه، وهو ما يُلزمه بواجب المساءلة، والخضوع لأحكام القانون، واحترام الحقوق والحريات العامة.
من هنا كانت النظرية، التي تُعرف بنظرية "الأمن المجتمعي" أساساً لعمل أجهزة الأمن والشرطة في الدول المتحضرة، والتي تتبارى ضمن سياقها تجويداً وتحسيناً لخدماتها بأعلى مستوى ممكن، كما تُشكل إجابة مباشرة على السؤال الفلسفي الذي يُطرح كثيراً، كيف يستوي أن يكون حُسن التعامل مع الجمهور إذا كانوا هم الأشرار والمجرمين؟ لكن الجواب يكمن في أن جمهور الأمن والشرطة، في الأصل، هم أفراد المجتمع الباحثون عن السلام الأهلي والأمن المجتمعي، بينما يمثل الأشرار والمجرمون، الاستثناء وليس القاعدة.
من هذا المنطلق تولدت فكرة مجالس الأمن المحلية، حيث إن لكل مجتمع محلي ضمن جغرافيته، أولويات واحتياجات أمنية قد تختلف في تراتبيتها عن مجتمع محلي آخر يقيم ضمن اقليم الدولة؛ مما يعطيهم الحق بمشاركة المراكز الأمنية قرارات تحديد البرامج والفعاليات التي يترتب على الأجهزة الأمنيّة الاستجابة لها، ضمن حدود القانون والإمكانيات، ثم ومنها انطلقت الشرطة المجتمعية بمساراتٍ علمية وعملية، تحقيقاً لما يتعارف عليه بالعلوم الأمنية، بالضبط الاجتماعي، حين يتشارك المجتمع مع أجهزة الأمن والشرطة في تحقيق الأمن والاستقرار.
أردنياً، تحتل أجهزة الأمن والشرطة مكانة رفيعة عالمياً بفضل مهنيتها واحترافيتها في تطبيقات الأمن المجتمعي، وتساهم بفاعلية في التدريب ونقل المعرفة على المستويين الإقليمي والدولي.