في زمن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، باتت الصور محور الاهتمام والتفاعل السريع. صورة واحدة جذابة، بغض النظر عن محتواها أو قيمتها، يمكن أن تحصد سيلاً من الإعجابات والتعليقات التي غالبًا ما تكون سطحية أو مجاملة عابرة. في المقابل، تمر المنشورات التي تسلط الضوء على إنجازات علمية، ثقافية، أو إنسانية مرور الكرام دون أن تلقى نفس القدر من التفاعل أو التقدير. فما الذي يقف خلف هذه الظاهرة؟
يميل العقل البشري بطبيعته إلى الانجذاب إلى الصور لأنها تثير استجابات عاطفية فورية، بينما يحتاج التفاعل مع النصوص أو الأفكار العميقة إلى جهد أكبر لفهمها واستيعابها. هذه الطبيعة النفسية تستغلها منصات التواصل الاجتماعي التي صُممت لتعزيز التفاعل السريع والسطحي عبر الإعجابات والتعليقات، ما يخلق حالة من الاستسهال في استهلاك المحتوى الرقمي.
إلى جانب ذلك، تلعب العلاقات الاجتماعية دورًا بارزًا في هذه الظاهرة، حيث أصبحت التعليقات مثل "ما شاء الله” و”منورة” جملة " وسيلة لتعزيز الروابط والمجاملات، بغض النظر عن قيمة المحتوى الحقيقي.
أما الإنجازات، فهي غالبًا ما تتطلب من المتلقي وقتًا وجهدًا لفهمها والتفاعل معها. هذا التعقيد لا يتماشى مع نمط الاستهلاك الرقمي السريع الذي أصبح السائد. أضف إلى ذلك أن بعض المجتمعات قد لا تحتفي بالنجاحات بالشكل اللائق، إذ يُنظر إليها أحيانًا بنوع من اللامبالاة أو حتى الغيرة، مما يقلل من التفاعل الإيجابي مع مثل هذه المنشورات.
هذه السلوكيات الرقمية تعكس تأثير النظام الرقمي الحالي الذي يبرز المظاهر السطحية على حساب القيم والانجازات الحقيقية.