هزنا كأردنيين كما هز اصحاب الضمائر الجريمة البشعة التي قام بها والد تجاه طفليه البريئين قبل بضع أيام، هذا النوع من الجرائم والمتعلق بالقتل بين ذووي القربى من الدرجة الاولى كالزوجة والأبناء والاباء والامهات اصبح ملفتا في مجتمعنا.
بالتأكيد ان كل الجرائم مدانة ومرفوضة؛ لكن الشكل الأخير يمثل بشاعة افظع؛ اذ يقع بين ذووي قربى ويقع على ضحايا بريئة ليس من سبب مثير لارتكاب مثل هذا النوع من الجرائم.
الاسباب كثيرة تلك التي تقف وراء هذه الجرائم ، وهي بحاجة لدراسة منهجية لتحليلها لتساعد بوضع حلول ناجعة. سنتعرض هنا للمسؤولية المجتمعية التي ربما تساعد في الحد منها. هذه المسوولية تتجاوز مسؤولية الحكومات ومجالس النواب والجهات التنفيذية بما فيها أجهزة الامن المختلفة.
هذه الجرائم غالبا ما تكون محاطة بظروف عائلية ومشكلات متراكمة، ما نقصده هنا مسؤوليات الاقارب المحيطين والاصدقاء والجيران. فتدخل هولاء مطلوب شرعا وعرفا لحل هذه الخلافات والتي قد تتطور لمشكلات، ان اصلاح ذات البين مهمة شرعية مجتمعية تصنف ضمن فروض الكفاية على العموم، لكنها ضمن الفروض العينية بالنسبة للاقرباء والاصدقاء والجيران.
يقول تعالى في سورة الحجرات آمرا بفعل الاصلاح ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). كما يبين في سورة اخرى بقوله ( لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَىٰهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)، فالدلالة واضحة في الاية على فضل الإصلاح بين الناس. جاء في الحديث الشريف (أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ ؟ قالوا : بلى يا رسولَ اللهِ . قال : إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ . لا أقولُ : إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ).
المطلوب منا جميعا ان نتدخل بسرعة لحل الخلافات وغالبا ما تنجح هذه التدخلات وتسوى الامور، كما يطلب منا جميعا اتخاذ اجراءات احترازية لمنع وقوعها والتي غالبا ما تكون في حالات غضب، حيث يغيب العقل والوعي عن مالآت الجريمة ومنها حماية الضعفاء بابعادهم عن الطرف القوي، ومطلوب منا كذلك ابلاغ الاجهزة المعنية ومنها حماية الاسرة في مديرية الامن العام والتمنية الاجتماعية احيانا للتدخل باجراءات قانونية عاجلة وقد يكون منها نقل الاطفال الى دور رعاية، او الحجز التحفظي على الاطراف البالغة لحين حل المشكلات. ان هذه التدخلات اصبحت ضرورة لحماية الاطراف الضعيفة كالاطفال والنساء من الجميع، فالسكوت عن هكذا جرائم والسماح بتكرارها نتيجة عدم اتخاذ اجراءات احترازية يجعلنا جميعا شركاء .
اعتقد ان ثقافة الستر لا ينبغي تطبيقها في هكذا حالات، والتي تفسر بشكل خاطيء، فمنع وقوع الجريمة هو واجب ، قال تعالى ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ).
مطلوب من الجهات الرسمية والاعلام والكتاب والعشائر والمصلحين والخطباء اكثار الحديث عن هذه المسوولية المجتمعية تجاه الجرائم، بالتاكيد ان الجرائم ستستمر؛ لكن من المؤكد ايضا ان هذه الاجراءات ستاتي بخير ، قال تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)..