في ظل معاناة مستمرة، عاش قطاع غزة شهورًا من الدمار والموت، في وقت كان فيه العالم صامتًا أو مترددًا.
لكن الأردن تاريخيا وقف في الصفوف الأمامية، قائدًا وصوتًا للحق في زمن اختلطت فيه المواقف.
القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن ليست مجرد شعار سياسي، بل التزام عميق متجذر في وجدان الشعب الأردني قيادةً وشعبًا.
ومن خلال الأحداث الجارية، سطر الأردن صفحات جديدة في تاريخه ليؤكد دائمًا على دوره الرائد في دعم فلسطين.
فقد كان من أوائل الدول التي شهدت تحركًا شعبيًا أدى إلى إغلاق منشآت اقتصادية ضمن المقاطعة، ليبرهن الشعب الأردني مرة أخرى أنه حاضر بكامل قوته في دعم فلسطين.
مع بداية الحرب، بدأ الملك عبد الله الثاني حفظه الله جهودًا دولية متواصلة، حيث تصدرت كلماته في كل اجتماع ومؤتمر الحديث عن حقوق الفلسطينيين ووقف الحرب.
لم يكن هذا مجرد موقف رمزي، بل سياسة مدروسة تُظهر رفض الأردن للظلم والعدوان، رغم الضغوط الكبيرة التي تعرض لها لثنيه عن مواقفه الثابتة.
على الأرض، كانت المساعدات الأردنية هي الأولى التي وصلت إلى غزة، حيث أشرف الملك عبد الله الثاني حفظه الله بنفسه على إنزال قافلة المساعدات التي تضمنت الأدوية والمواد الغذائية.
كما كان الأمير الحسين بن عبد الله الثاني والأميرة سلمى حاضرين خلال عمليات التوزيع للمساعدات، مما يعكس التزام القيادة الهاشمية الذي يتجاوز مجرد التصريحات السياسية.
فيما يتعلق بالدعم الإنساني، بادر الأردن بإطلاق مبادرات نوعية مثل "استعادة الأمل”، وأرسل فرقًا طبية ضمن خلية دعم طبية مستمرة قبل الحرب، خلالها، وبعدها. ومن بين هؤلاء الأبطال من تعرض للاعتقال أثناء أداء واجبهم الإنساني، مما يعكس التزام الأردن العميق بالقضية الفلسطينية.
السياسة الأردنية تميز بوضوح بين الدعم الإنساني والمواقف السياسية. فبينما يدعم الأردن الشعب الفلسطيني، يفصل بين هذا الدعم والمواقف السياسية تجاه الحركات الفلسطينية، مما يبرز التزام المملكة التاريخي بالقضية دون المساس بأمنها الداخلي.
كذلك، كانت مواقف وكلمات الملكة رانيا العبد الله حفظها الله جزءًا مكملًا للموقف الأردني، حيث عبّرت في عدة لقاءات ومؤتمرات بصوتها الصادق عن القضية الفلسطينية، متحدية الصمت العالمي تجاه الظلم وازدواجية المعايير.
وتظل القيادة الأردنية هي السر وراء هذه المواقف.
فالملك عبد الله الثاني، الذي يحمل إرث أجداده، قدّم أبناءه وأبناء شعبه في الصفوف الأولى، مؤكدًا أن الدفاع عن فلسطين ليس سياسة طارئة، بل جزء لا يتجزأ من هوية الأردن ومبادئه.
ويبقى الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، نموذجًا للثبات على الحق في زمن اختبر فيه العالم إنسانيته، مؤكدًا أن موقفه تجاه حرب غزة يجمع بين السياسة الواقعية والالتزام الإنساني، ويعكس دبلوماسية متوازنة تبقيه لاعبًا إنسانيًا فاعلًا مع الحفاظ على سيادته وأمنه الداخلي.