منذ فجر النكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا، ظل الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه العظيم، نبض القضية الفلسطينية وصوتها العادل. كيف لا، والأردن كان وما زال السند الأول لفلسطين وغزة الأبية؟ هذا التاريخ المشرف يقوده اليوم جلالة الملك عبدالله الثاني، الحارس الأمين للقضية الفلسطينية والمدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني.
لكننا، وللأسف، نسمع بين الحين والآخر أصواتاً تجحد هذا الدور العظيم، وتنكر الجهود الأردنية، متناسين أن الأردن لم يدّخر جهداً ولا تضحية، بل كان حاضراً في الميدان سياسياً، إنسانياً، وإعلامياً للدفاع عن فلسطين وغزة العزة.
فمنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023، كان جلالة الملك عبدالله الثاني انطلاقا من ارثة التاريخي والديني والعروبي وصاحب الوصاية الشرعية على المقدسات الاسلامية والمسيحية وامتداد لدور الهاشميين عبر التاريخ في مقدمة المدافعين عن غزة وأهلها. لم يكتفِ بالبيانات أو الخطابات، بل خاض معركة دبلوماسية وسياسية شجاعة على كل الساحات الدولية. أجرى أكثر من 180 لقاء مع قادة العالم، وعقد عشرات المؤتمرات الدولية للضغط من أجل وقف العدوان وفتح المعابر الإنسانية. في كل مناسبة، كان صوت جلالته قوياً في كشف زيف الرواية الإسرائيلية وإبراز الحقيقة للعالم أجمع.
لم تكن الجهود الأردنية محصورة في الكلمات فقط، بل تجاوزت ذلك إلى أفعال تترجم الأخوة الحقيقية. فمنذ اللحظة الأولى للعدوان، كسرت الأردن الحصار على غزة من خلال عمليات إنزال جوي للمساعدات الإنسانية، شارك جلالة الملك عبدالله الثاني شخصيًا في أحدها، ليؤكد أن الدعم الأردني ليس شعارًا بل التزامًا عمليًا. كما شارك سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في الإشراف المباشر على تجهيز مستشفيات ميدانية داخل غزة. وأثبتت سمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني حضورها الإنساني بالمشاركة في أحد إنزالات المساعدات.
هذه المستشفيات الميدانية الأردنية، التي تحمل اسم "الجيش العربي"، أصبحت شريان حياة لأهالي غزة، تقدم العلاج للأمهات، للأطفال، ولمصابي الحرب الذين يواجهون مصيرًا مروعًا في ظل انعدام الخدمات الصحية.
منذ بدء العدوان، تم إرسال أكثر من 73 ألف طن من المساعدات التي استفاد منها نحو 1.4 مليون شخص. تم بناء المستشفيات الميدانية في غزة والضفة، واستضافت المستشفيات الأردنية مئات المرضى والجرحى الفلسطينيين للعلاج، بمن فيهم الأطفال الذين فقدوا أطرافهم.
لم يقتصر دور الأردن على الدعم الميداني، بل امتد إلى الساحة الإعلامية، حيث خاضت جلالة الملكة رانيا العبدالله معركة شجاعة لتفنيد الرواية الإسرائيلية الظالمة. بكلماتها الإنسانية، كشفت ازدواجية المعايير التي يمارسها العالم تجاه غزة، وطالبت بوقف الفظائع التي ترتكب بحق الأبرياء.
الملك عبدالله الثاني، بدوره، نشر مقالات مؤثرة في الصحف العالمية، وخاطب الضمير الإنساني من على منابر الأمم المتحدة، مطالباً بإنهاء العدوان وإيقاف الكارثة الإنسانية التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
وفي وقت قُيدت فيه حرية التعبير في العديد من الدول، كان الأردن الدولة التي سمحت لشعبها بالتظاهر السلمي تضامنًا مع غزة، ليعبر الأردنيون، من جميع المحافظات، عن دعمهم المطلق لفلسطين وللأشقاء في القطاع. هذه المسيرات الشعبية لم تكن مجرد أصوات بل رسائل واضحة للعالم أن الأردن، قيادة وشعبًا، يقف في صف الإنسانية
الشعب الاردني واحد خلف قيادته الهاشمية
فالأردنيون، بقيادتهم الحكيمة، كانوا جسداً واحداً خلف فلسطين. المسيرات الشعبية، حملات التبرع، المواقف النقابية والحزبية، والجهود الإعلامية، كلها كانت رسالة واضحة للعالم بأن الأردن لن يساوم على القدس أو غزة، ولن يتخلى عن فلسطين مهما اشتدت الظروف.
إنكار دور الأردن في دعم غزة وفلسطين ليس فقط جحودًا، بل محاولة لطمس الحقيقة التي يعرفها الجميع. الأردن لم يدافع عن فلسطين فقط لأنها قضية عربية، بل لأنها قضية إنسانية تمس كل صاحب ضمير. من مستشفيات ميدانية، إلى إنزالات جوية، إلى جهود دبلوماسية وشعبية، كان الأردن وما زال السند الأول لفلسطين.
نقول لأولئك الذين ينكرون هذه الجهود: ابحثوا في قوافل المساعدات، في المستشفيات الميدانية، في كلمات الملك والملكة، في المسيرات الشعبية، وستجدون الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها. الأردن سيبقى دائمًا صوت الحق وصمام الأمان للقضية الفلسطينية، بوصلته القدس الشريف، وعنوانه الإنسانية التي لا تعرف الحدود.
وهنا نبعث برسالة إنسانية من قلب الأردن
إلى من ينكرون دور الأردن، ونقول بان
الأردن لم يكن يوماً طالباً للشكر أو الثناء، ولم تكن جهوده دعائية أو موسمية. الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه، يحمل فلسطين في قلبه، ليس فقط لأنها قضية عربية، بل لأنها جزء من هويته وكيانه.
في غزة، يختلط الدم الفلسطيني بالأردني، ويعبر التاريخ عن أواصر الأخوة التي لا تهزها كلمات جحود أو مواقف إنكار. غزة تعرف جيداً أن الأردن هو الرئة التي تتنفس منها، والملك عبدالله الثاني هو الحامي الذي لا يكل ولا يمل من الدفاع عنها.
ختاماً، سيبقى الأردن حارس القضية الفلسطينية، وسيبقى جلالة الملك عبدالله الثاني رمزاً للحق والإنسانية. غزة وفلسطين، نبض في وجدان الأردن، وواجب نؤديه بفخر، ليس طلباً لثناء، بل إيماناً بعدالة قضية لا تغيب شمسها عن سمائنا.