خلال الفترة التي تسبق الانتخابات، كانت الأحزاب السياسية مليئة بالطاقة، ولكن بمجرد انتهاء الانتخابات، تبخر الزخم، لهذه الأحزاب.
هناك شعور بالتشكك، حيث يتساءل الكثيرون عما إذا كانت الأحزاب قادرة على التعاون معا بشكل فعال داخل البرلمان!
يبدو أن الأحزاب السياسية في حالة من الركود، وكأنها تفتقر إلى الإلحاح على الوفاء بوعودها أو الانخراط في القضايا الرئيسية.
إن الافتقار إلى التاثير السياسي للاحزاب بعد الانتخابات البرلمانية يشكل قضية متنامية تستحق المزيد من الاهتمام. ورغم أن الانتخابات توفر تفويضاً مهماً، للأحزاب والعمل الحقيقي يفترض أن يبدأ بعد الانتخابات .
إن عمل الأحزاب بعد الانتخابات يعطي انعكاسات عن نتائج نجاح العمل الحزبي. وما شاهدناه حتى اللحظة بدلا من إعطاء الأولوية للقضايا الوطنية، تنشغل العديد من الأحزاب بصراعات القوة، ويشمل ذلك تحديات القيادة، أو الخلافات السياسية، أو النزاعات حول أفضل السبل لوضع نفسها في المشهد السياسي. ويبدوا ان هذه الصراعات الداخلية طغت على الواجبات العامة للاحزاب ، مما سيؤدي إلى نتائج عكسية في نظرة المجتمع لها.
اعتقد بان الأحزاب السياسية عليها أن تحول تركيزها من الصراعات الداخلية، إلى الحكم والمشاركة السياسية الفعالة ، الهادفة. فمن خلال هذا النهج فقط تستطيع الأحزاب السياسية ان تحافظ شرعيتها واهميتها السياسية، وتبرهن دورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
خيبة أمل الناخبين وخطر اللامبالاة ، من أكثر الجوانب المثيرة للقلق في التقاعس بعد الانتخابات، وقد يؤدي إلى عواقب على المدى البعيد، حيث أن ضعف دورها في عملية التحول الديمقراطي، قد يقوض قوة الأحزاب السياسية .
المواطن يتوقع من الأحزاب الوفاء بالوعود التي قدمتها أثناء الحملة الانتخابية، وينتظر دورها في معالجة القضايا الوطنية العاجلة، والانخراط في حوار بناء.
والاختبار الحقيقي للنضج السياسي ليس مدى نجاح الأحزاب في الانتخابات، بل كيف تبدأ عملها بعد فوزها.
الإصلاح السياسي يتطلب تحولاً في كيفية تعامل الأحزاب مع واجباتها بعد الانتخابات.
فهي تحتاج إلى التركيز ليس فقط على صراعات القوة ، بل وأيضاً على تنفيذ السياسات الملموسة، والمساءلة، والشفافية والنزاهة والتفاعل والاستجابة مع المواطن، وعندئذ فقط تتمكن الأحزاب من كسب ثقة المواطنين وتعزيز أسس الديمقراطية التي انشأت من اجلها.
إن كيفية التفاعل من قبل الأحزاب السياسية بديناميكية داخل البرلمان، بعد فوزها يؤثر على الأولويات التشريعية، وصنع القرار، وتنفيذ السياسات.
يجب على الأحزاب التي نجحت في الوصول إلى البرلمان أن تعمل معًا لإنشاء أرضية مشتركة بشأن القضايا الرئيسية، والتفاوض على التسويات، وضمان توافق أجنداتها بطريقة يمكن أن تحظى بموافقة البرلمان. غالبًا ما يؤثر هذا التعاون على الأداء العام للبرلمان، بما في ذلك كيفية تمرير القوانين، وتشكيل اللجان، ومدى فعالية الحكومة في إدارة الشؤون العامة. وفي نهاية المطاف فإن نجاح العلاقة بين هذه الأحزاب يشكل عنصرا أساسيا لضمان الحكم الفعال وسير عمل البرلمان بسلاسة.
إن المجتمع الأردني يراقب عن كثب لمعرفة كيف ستؤثر الأحزاب السياسية التي نجحت في الانتخابات على ديناميكيات البرلمان والمشهد السياسي الأوسع. ويأمل المواطنون أن تأتي هذه الأحزاب بأفكار جديدة، تعزز الممارسات الديمقراطية، والمزيد من المساءلة للسلطة التنفيذية، اضافة إلى التأثير على القضايا الرئيسية مثل الإصلاح الاقتصادي، والحوكمة.
ينتظر الأردنيون نتائج ملموسة من الأحزاب لتحديد ما إذا كانت قادرة على إعادة تشكيل البيئة السياسية بنجاح أو ما إذا كانت ستفشل في الوفاء بوعودها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تعميق عدم الثقة في الاحزاب السياسية.حمى الله الأردن.