في عالم يشهد تحولات سياسية وعسكرية متسارعة، تبرز شخصيات قادرة على ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ بلادها. اللواء الركن المتقاعد أحمد عيد المصاروة هو أحد هذه الشخصيات التي جمعت بين البطولة العسكرية والحنكة الدبلوماسية، ليكون رمزًا للجندي الأردني الملتزم والدبلوماسي المحنك.
بداية المسيرة: من الجندية إلى القيادة
وُلد اللواء المصاروة في بيئة أردنية تشهد تحولات سياسية وعسكرية كبيرة، حيث تلقى تعليمه العسكري في أكاديميات عسكرية مرموقة، وتدرج في الرتب العسكرية بفضل كفاءته وإخلاصه. واستلم عدة مناصب عسكرية منها مدير الدفاع الجوي ومدير التوجية المعنوية في القيادة العامة وأمر كلية القيادة والاركان وبعد التقاعد تم تعيين رئيس المجلس الأعلى للشباب وقد تميز منذ بداية مسيرته بالانضباط العسكري والتفاني في خدمة وطنه، مما جعله يحظى بثقة القيادة العليا للقوات المسلحة الأردنية.
دوره في عمليات حفظ السلام الدولية
يُعتبر اللواء المصاروة أحد أبرز المساهمين في تعزيز مشاركة الأردن في عمليات حفظ السلام الدولية. خلال الفترة من 1994 إلى 1995، شغل منصب المستشار العسكري للمندوب الأردني الدائم في الأمم المتحدة بنيويورك. في هذا المنصب، لعب دورًا محوريًا في تعزيز وجود الأردن على الساحة الدولية، حيث بدأت المشاركة الأردنية في عمليات حفظ السلام بشكل فعلي عام 1989 مع إرسال مراقبين عسكريين إلى أنغولا.
تحت قيادته، أصبح الأردن ثاني أكبر دولة مشاركة في مهام الأمم المتحدة بحلول منتصف التسعينيات، حيث شارك في أكثر من 15 مهمة حفظ سلام. وقد تميزت القوات الأردنية بالمصداقية والحيادية، مما أكسبها ثقة كبيرة من قبل الأمم المتحدة والدول الأخرى.
إنجازات بارزة: بناء الثقة وتعزيز العلاقات
أسس اللواء المصاروة مكتبًا لمتابعة المشاركة الأردنية في عمليات حفظ السلام في البعثة الأردنية الدائمة في نيويورك، مما ساهم في توثيق العلاقات بين الأردن والأمم المتحدة. وقد تميزت المشاركة الأردنية بالسرعة في الاستجابة والالتزام، مما جعل الأردن من بين أكثر خمس دول طلبًا من قبل الأمم المتحدة للمشاركة في مهامها.
الجوانب الإنسانية: صورة مشرفة للجندي الأردني
لم تكن مشاركة الأردن في عمليات حفظ السلام مجرد مشاركة عسكرية، بل كانت أيضًا رسالة إنسانية. فقد قدم الأردنج من خلال مشاركته صورة مشرفة للجندي الأردني العربي المسلم، الذي حاز ثقة الجميع في ميادين حفظ السلام. وقد تميزت المشاركة الأردنية بالصبر والالتزام دون ضغوط مالية أو إدارية، مما أكسبها احترامًا كبيرًا على المستوى الدولي.
التحديات والإرث
على الرغم من الإنجازات الكبيرة، واجه اللواء المصاروة العديد من التحديات، خاصة في ظل الظروف السياسية والعسكرية الصعبة التي مر بها الأردن. ومع ذلك، استطاع أن يترك إرثًا عسكريًا ودبلوماسيًا كبيرًا، حيث ساهمت مشاركته في عمليات حفظ السلام في إعادة بناء الثقة بالأردن على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة بعد حرب الخليج الثانية.
التكريم والزيارات الرسمية
في عام 2025، زاره الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد الأردني، والأمير هاشم بن عبد الله الثاني في منزله، مما يعكس مكانته المرموقة في المجتمع الأردني. هذه الزيارة كانت بمثابة تكريم لمسيرة حافلة بالإنجازات والتضحيات.
إرث لا يُنسى
اللواء الركن المتقاعد أحمد عيد المصاروة يمثل نموذجًا للعسكري الملتزم والدبلوماسي المحنك، الذي ترك أثرًا كبيرًا في تاريخ الأردن العسكري والدبلوماسي. مسيرته الحافلة بالإنجازات تظل مصدر إلهام للأجيال القادمة، وتذكرنا دائمًا بأن الجندي الأردني قادر على تحقيق المستحيل عندما يكون مخلصًا لوطنه ومبادئه.