دونالد ترامب الرئيس الامريكي السابع والاربعون اعتاد ان يطل علينا كلما عاد الى البيت الابيض بقرار هستيري بعيدا عن الانسانية والمنطق يدرك ابعاده على المنطقة من يعيش في الشرق الاوسط ويلمس المعاناة الدائرة في الاقليم من صراع عربي اسرائيلي .
منذ ان احتلت اسرائيل فلسطين واعلنت دولتها في عام 1948 وهو عام النكبة, واقامت اسرائيل دولتها على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الحق وصاحب الارض فقد اغتصبت ارضه بالقوة والسلاح على مراى العالم ، وقد كانت الولايات المتحدة الامريكية اول دولة اعترفت بالكيان الصهيوني للاسف الشديد ، فأين الحكومة الامريكية من مباديء الرئيس السابق ودرو ويلسون الاربعة عشر في يناير 1918 والتي نظمت العلاقات الدولية ووضعت الاسس والمباديء في الحرب والسلم واحترام حقوق الانسان.
دونالد ترامب استلم اول حكم له في امريكيا 2017 فكانت اول قراراته العنصرية منع التأشيرات لبعض القادمين من الدول العربية بتهمة ان هذه الدول مصدرة للارهاب واصدر قرار اخر ببناء صور حدودي بين امريكيا والمكسيك لتضييق الخناق على المهاجرين علما بأن المهاجرين هم من قاموا في بناء الولايات المتحدة الامريكية وذلك منذ ان اعلنت استقلالها في 4يونيو1776م ، فالمكون السكاني الامريكي عبارة عن خليط متجانس من البشرية مختلفة الاعراق ومتعددة الاديان والمعتقدات فهم مهاجرين من معظم الدول المحيطة بامريكا مثل المكسيك اسبانيا بريطانيا هولندا البرتغال المانيا ايطاليا كندا فرنسا ...الخ وايضا من الدول العربية ، وفي قرار اخر هستيري يؤكد بان الرئيس ترامب يعاني من (شذوذ في الفكر السياسي) ويصدر قرار مشؤوم وهو نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس وضم شطريها الغربي والشرقي لاسرائيل وقد قام بتوقيع القرار في 1يونيو 2017 وقد كان قراره الاعتراف بان القدس عاصمة دولة اسرائيل الابدية، وقد شمل قراره ايضا على نقل البعثة الدبلوماسية الامريكية الى القدس من تل ابيب وقد رحب الرئيس بنيامين نتنياهو انذاك بالقرار واشاد فيه ، وقد دعا الرئيس ترامب المجتمع الدولي بان يحذوا حذوه ، فهذا وعد وعده ترامب للحكومة الاسرائيلية اليمينية ، اثناء حملته الانتخابية انذاك بأن القدس هي العاصمة الابدية لاسرائيل متجاهلا جميع الاسس والقوانين الدولية والسماوية الى ان اصبح رئيسا للولايات المتحدة فقام بتنفيذ وعوده لدولة اسرائيل المارقة لقد كان القرار عقيما فلم يجني ثماره السياسي فرفض معظم زعماء العالم القرار حيث قام مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة بعقد جلسة وادانة قرار ترامب وكانت النسبة (14من 15 عضوا) فكان من الدول التي ادانة القرار وبشدة المملكة المتحدة وفرنسا واليابان وايطاليا والسويد ولكن كان النقض الفيتو الامريكي لهم بالمرصاد وكانت اربعة دول قامت بتنفيذ قرار ترامب الغير أنساني والمتحيز لصالح اسرائيل.
القدس ستبقى عربية اسلامية تمثل المركز الروحي والديني للمسلمين كافة قال تعالى : سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله ... صدق الله العظيم . فالمسجد الاقصى مسرى نبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام , حقيقة مثبته من الله عز وجل في القرآن الكريم يذكرها التاريخ والعالم اجمع ان القدس جزء لايتجزء من فلسطين وهي العاصمة، علما بان الرئيس ترامب لايملك الصفة القانونية بهذا القرار .
ان القضية الفلسطينية هي المحور الرئيسي في الصراع العربي الاسرائيلي والقدس تمثل جوهر هذا الصراع ، فهي تشكل الجزء الرئيسي في عملية السلام ، فكان قرار ترامب جائرا بحق الشعب الفلسطيني صاحب القضية وهو اعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل بأن تقوم بما تشاء من جرائم حرب وانتهاكات مستمرة ضد الانسانية في المدن الفلسطينية .
ان القرار غير قانوني فكان لايحمل الصفة القانونية الدولية التي تفوض ترامب وتمنحه الحق في اعطاء القدس الى الكيان الاسرائيلي حيث تعتبر القدس عاصمة فلسطين المحتلة وهي المكان المقدس والروحي للمسلمين كافة كيف لا والقدس مسرى الرسول عليه افضل الصلاة والسلام خاتم الانبياء والرسل , وقد اعتبر هذا القرار داعما ومساندا لحكومة الاحتلال الاسرائيلي ويمنحها القوة في السلطة ويمكنها من تنفيذ مخططاتها الصهيونية ورواياتها التلموذية الباطلة التي لاتمت للحقيقة بصلة . فمازالت الاقتحامات مستمرة للمسجد الاقصى وبشكل يومي فما يقوم به المستوطنون اليهود وبحراسة مشددة من فبل جهاز الامن الاسرائيلي والجيش احيانا يشكل استفزازا للمصلين المقدسيين والقادمين للصلاة من باقي المدن الفلسطينية واعاقتهم في تقديم المناسك الدينية ، ومخالف لجميع القوانين والاتفاقيات الدولية والشرائع السماوية جميعها.
ان جميع ماتقوم به اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وخاصة مايجري من انتهاكات دائمة لحقوق الانسان فالتوسع في الاستيطان والتهجير القسري للسكان والاقتحامات المتكررة للبيوت والمنازل والاعتقالات الغير قانونية للسكان ، وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها وهم احياء كما حصل في حرب غزة والتي اعتبرت حرب ابدة جماعية ، تلك الحرب التي لم تفرق بين ورجل مسن فما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي هو مخالف لجميع القوانين الدولية وقوانين حقوق الانسان الاممية ، كيف لا وهي الدولة المارقة التي لاتحترم حقوق الانسان ولا تحترم القانون الدولي وهيئات الامم المتحدة والقوانين الصادرة عنه فمنذ عام 1948 و مجلس الامن الدولي يصدر قوانين وقرارت بخصوص الاستيطان واللاجئين وحق العودة ولكن اسرائيل تعارض كل القوانين والقرارت ولا تعتبرها سارية الفعول علىيها .
وهناك صورة اخرى مؤلمة حرب ابادة جماعية في قطاع غزة منذ عام 2023 وقد انتهت منذ ايام قليلة مقابل تبادل الاسرى... فأي قرار هذا بحق السماء يكون يا ترامب . للاسف الشديد لقد تعود الشارع العربي على مثل هذه القرارات والاقتراحات الهادمة لعملية السلام والمغرضة والتي تقف بجانب المحتل الاسرائيلي .
ويطل علينا الرئيس ترامب من جديد بعد نجاحه الرئاسي, ويعود الرئيس الامريكي السابع والاربعون الى البيت الابيض من جديد ليخرج لنا باقتراح معيب في حق الانسانية جمعاء يدعو فيه اهل غزة الى التهجير الى الاردن ومصر وذلك حلال مكالمة مع الرئيس المصري والملك عبدالله الثاني يطلب ان يستقبل الاردن ومصر عددا من اهل غزة بحجة اعمار غزة واعادتهم بعد ان يكتمل البنيان وذلك تنفيذا للرغبة الاسرائيلية القائمة على العنصرية والاستبداد والاستيطان الغير شرعي بهدف التهجير .
فبعد غياب ليس بعيد يقترح التصريح الغير منطقي والغير انساني والغير سياسي ايضا بان الاردن ومصر عليهما ان يستقبلا اهل غزة ، يصرح هذا التصريح دون دراسة او تروي قبل ان ينطق بهذا الحكم الجائر على اهل غزة ، اقتراح يخلو من الجانب الانساني والعملي والسياسي قرار احادي الجانب يرتكز على ارضاء الطرف الاخر الذي لا يملك الحق القانوني في وضع يده على فلسطين ومدنها فهذا القرار هو تهجير الغزيين من ارضهم واخلاء غزة من اهلها و من سكانها الاصليين تنفيذا للاجندة الصهيونية ليتم بناء المستوطنات والتوسع في الاستيطان في قطاع غزة .
قبل ان ياتي ترامب الى البيت الابيض ويباشر عمله صرح علنا بانه لايريد ان يبدا عمله والحرب قائمة في غزة – فاستبشرنا خيرا - مما اجبر الحكومة الاسرئيلية على الموافقة على شروط الفصائل الفلسطينية والمتمثلة في حركة حماس ومنها تسليم الاسرى الفلسطينيين وتبييض السجون الاسرائيلية وتسليم المجندات الاسرائيليات وبناء على هذا الاتفاق تم توقيف الحرب الجائرة ضد اهل القطاع في غزة وهي كانت حرب ابادة لم ترحم البشر ولا الحجر ، وتم ذلك بناء على الاتفاقيات بين الطرفين اي الجانب الفلسطيني والاسرائيلي وباشراف كل من قطر ومصر وامريكا لتبادل الاسرى والسجناء الفلسطينين .
ان جلالة الملك عبدالله الثاني ملك الاردن حفظه الله يصر على موقفه الثابت والراسخ والقومي بان فلسطين ارضا للفلسطينيين ولا يجوز حل القضية على حساب الدول المجاورة ويدعو الى السلام على اساس حل الدولتين والرجوع الى حدود 1967وايضا الرئيس المصري كذلك يرفض استقبال اللاجئين من غزة وحل القضية على حساب دولة مصر ويدعو الى المفاوضات والسلام في المنطقةفحل الدولتين هو السبيل للامن والاستقرار في المنطقة .
نحن في الاردن ندعوا مؤسسات المجتمع المدني بان تلعب دورا هاما في تقوية الجبهة الداخلية وتعزيز اللحمة الوطنية والالتفاف حول القيادة الهاشمية الحكيمة فالاحزاب والنقابات والجمعيات الثقافية والمنتديات بان تجتمع وتوحد كلمتها وقرارها من خلال الحوار الوطني المشترك ووضع الاهداف والرؤى والاسس التي من شانها تقوية الصف وتوحيد الكلمة وذلك من اجل الخروج ببيان مشترك نتفق عليه جميعا كافراد شعبا واحد متماسك كالصف الواحد يشد بعضه بعضا لنرتقي بوطن قوي متماسك وجبهة داخلية يتحطم عليها الصخر، فاننا في هذا الوطن العزيز والكبير بقيادته الهاشمية وشعبه المحب والمخلص للقيادة بان نكون اصحاب رسالة وطنية عظيمة يذكرها العالم ومثالا في الوطنية يحتذى بها ويتغنى بها الاردن وشعبه وقيادته . فمن اجل وطن قوي متماسك علينا ان نعمل بوفاء واخلاص وانتماء ويكون الهدف السامي واحد لايقبل القسمة فمن خلال الاجتماعات الموحدة والسياسات الوطنية والاستراتيجيات سنكون دولة الصمود والتحدي لكل الازمات التي ستمر بها البلاد ، ولا ننسى هنا دعم الحكومة والاستمرارية في تفعيل دور هذه الموسسات المدنية لتكون رافدا للوطن ، وباذن الله سيبقى الاردن قويا منيعا على كل معتدي بهمة الشعب الابي والقيادة المظفرة وسيبقى الاردن مفخرة واعتزاز لاهلة الاردنيين .