لطالما ارتبطت صورة العسكريين بالانضباط والصرامة والالتزام بالتعليمات، لكن ما يغفل عنه الكثيرون هو أن هؤلاء الأفراد يمتلكون خلفيات علمية ومعرفية واسعة تؤهلهم لتولي مناصب سياسية وإدارية رفيعة بكل كفاءة واقتدار. فالعسكريون لا يقتصرون على الخبرات الميدانية فقط، بل يمتد تأثيرهم ليشمل مجالات متعددة مثل العلوم السياسية، الإدارة، التخطيط السياسي، وحتى القانون.
العسكريون والعلوم السياسية: مزيج من المعرفة والتطبيق
يظن البعض أن العسكريين بعيدون عن فهم تعقيدات السياسة، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك تمامًا. العديد من القيادات العسكرية في الأردن وخارجه يحملون درجات علمية متقدمة في مجالات ترتبط بشكل مباشر بالعمل السياسي والإداري. فالتعليم العسكري لا يقتصر على الفنون الحربية والتكتيكات القتالية، بل يشمل أيضًا دراسة العلاقات الدولية، إدارة الأزمات، وتخطيط السياسات العامة.
هذه الخلفية العلمية، إلى جانب الخبرة العملية التي يكتسبها العسكريون خلال سنوات خدمتهم، تمنحهم قدرة استثنائية على التعامل مع الملفات السياسية الحساسة. فهم يتقنون فن اتخاذ القرار في الظروف الصعبة، ويمتلكون رؤية استراتيجية تُمكنهم من التخطيط للمستقبل بشكل فعال.
نماذج أردنية بارزة: الفريق م. غازي باشا الطيب
يعد الفريق المتقاعد غازي باشا الطيب أحد أبرز الأمثلة على القيادات العسكرية التي أثبتت جدارتها في الميدانين العسكري والسياسي. فقد جمع بين الخبرة العسكرية الواسعة والمعرفة السياسية العميقة، الأمر الذي أهله لتولي مناصب رفيعة في الدولة.
خلال مسيرته، لم يقتصر دور الطيب على الجانب العسكري فقط، بل كان له حضور بارز في الحياة السياسية الأردنية. فقد عُيّن عضوًا في مجلس الأعيان، وهو موقع يتطلب فهمًا دقيقًا للسياسة والتشريعات والقوانين. هذا التعيين لم يكن فقط تكريمًا لمسيرته العسكرية، بل كان اعترافًا بخبرته ومعرفته التي تخطت حدود العمل العسكري التقليدي.
الخبرة العسكرية بوابة للسياسة
تُعتبر الخبرة التي يكتسبها العسكريون خلال خدمتهم عاملاً حاسمًا في قدرتهم على تولي المناصب السياسية. فالعسكري يتعامل يوميًا مع تحديات معقدة تتطلب قرارات سريعة ودقيقة، وهو ما يعزز من قدرته على إدارة الأزمات والتخطيط الاستراتيجي. هذه المهارات، إلى جانب الانضباط والالتزام، تجعل من العسكريين خيارًا مثاليًا لشغل المناصب القيادية في الدولة.
إن القول بأن العسكريين لا يفهمون بالسياسة هو تبسيط مخل لحقيقة معقدة.
فالكثير من القيادات العسكرية يمتلكون خلفيات علمية ومعرفية تؤهلهم للعب أدوار سياسية وإدارية مهمة.
وتجربة الفريق م. غازي باشا الطيب ليست سوى مثال واحد من بين العديد من الأمثلة التي تؤكد أن العسكريين قادرون على الجمع بين الخبرة الميدانية والمعرفة السياسية لخدمة وطنهم بكفاءة واقتدار.