يا صديقتي، يا من كنتِ أقرب إليّ من نفسي، ورفيقة دربي في كل خطوة، كيف أصبحنا غريبتين عن بعضنا؟ كيف تبدّلتِ إلى شخص لا أكاد أعرفه، واختفى ذلك الدفء الذي كنتِ تغمرينني به؟
كنا نعد الأيام معًا، نحمل أحلامنا على أكتافنا، ونعاهد بعضنا أن نبقى، مهما اشتدت الرياح، مهما فرّقتنا الحياة. كنتِ تفهمينني قبل أن أتكلم، وتقرأين حزني من نبرة صوتي، وتمسحين ألمي بكلمة واحدة. أين ذهب كل ذلك؟ متى توقّفنا عن السؤال، عن الحديث لساعات طويلة، عن الضحك بلا سبب؟
أعلم أن الحياة تغيّرنا، وأن الظروف تصنع فينا ما لا نختار، لكنني لم أظن يومًا أن التغيير سيأخذكِ بعيدًا عني إلى هذا الحد. لم أتوقع أن نصبح مجرد ذكرى في حياة بعضنا، أن يصبح اسمي عابرًا في ذاكرتكِ، وأن تمضي وكأن شيئًا لم يكن.
لكن ما لن تعرفيه أبدًا، وما لن أخبركِ به أبدًا، هو أنني ما زلت أحبكِ، وما زلت أحتفظ بكِ في زوايا روحي كما كنتِ دائمًا. سأحمل لكِ في قلبي كل الخير، سأدعو لكِ دون أن تسمعي، وسأبتسم حين تمرّين في ذاكرتي.
لن أخبركِ بذلك أبدًا، سيبقى هذا السر حبيس صدري، وسأمضي وأنا أحمله بصمت… بلا عتاب، بلا انتظار، بلا أمل في رجوعكِ.