عندما ينادي الوطن، تسقط كل التصنيفات، فلا معارض ولا موالٍ، بل شعب واحد يقف تحت سقف واحد، يجمعه حب الأرض والانتماء للهوية. اليوم، المشهد الوطني الاستثنائي الذي شهدته عمان إربد والسلط وغيرها هو الدليل الأكبر على أن الأردنيين لا يساومون على وطنهم، ولا يقبلون بأي مشاريع مشبوهة تسعى إلى زعزعة كيانهم وطمس هويتهم.
لا للتهجير.. لا للوطن البديل، هذه ليست مجرد شعارات، بل مواقف راسخة تستمد قوتها من وعي الشعب وإرادته. الأردنيون، بقيادة جلالة الملك، يقولونها بكل وضوح: الأردن ليس بديلا ، وأي محاولة لفرض حلول على حسابه مرفوضة جملةً وتفصيلًا. فمن يعتقد أن الأردن مجرد مساحة جغرافية يمكن التلاعب بها، فهو واهم، فالأوطان لا تباع ولا تشترى، وهي ملكٌ للشعوب، متجذرة في التاريخ والحضارة واللغة.
إن المواقف المصيرية هي التي تحدد من يقف مع الوطن ومن يسعى لزعزعته، وفي هذه اللحظات يتجلى المعنى الحقيقي للشرعية، إذ تستمد الأنظمة قوتها من شعوبها، وعندما يكون الشعب هو الحاضنة الحقيقية للنظام، فإنه يقف سدًا منيعًا في وجه أي تهديد أو مؤامرة. وهذا ما نشهده اليوم في الأردن، حيث تتوحد الإرادة الشعبية مع القيادة في رفض التوطين والتهجير، وفي الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في أرضهم، وليس على حساب الأردن.
على الجميع اليوم أن يكونوا في صف الوطن، لا مجال للحياد ولا مكان للمساومة، فمجلس النواب، الأحزاب، النقابات، الجامعات، الطلاب، وكافة أطياف المجتمع، جميعهم مطالبون بالوقوف في خندق واحد للدفاع عن الأردن وهويته. فالقضية ليست قضية فئة أو جهة، بل هي قضية وطن بأكمله، ومستقبل شعب لا يقبل بأن يكون وطنه مجرد ورقة تفاوض في حسابات الآخرين.
أما من يرى أن إسرائيل مساحتها صغيرة، ويريد توسيعها على حساب الأردن، فليأخذها عنده، فالأردن ليس للبيع، وليس أرضًا مستباحة للمخططات الخارجية. إن محاولات فرض حلول تتجاهل حقوق الفلسطينيين المشروعة، وتستهدف استقرار الأردن، لن تمر، لأن الشعب الأردني قال كلمته، وسيظل سداً منيعاً أمام أي محاولة للمساس بوطنه.
الوطن هو الكرامة، وهوية الشعب، وملاذ الأجيال القادمة، ولن نسمح بأن يكون الأردن إلا للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين كما لن نقبل بأن يُسلب الفلسطينيون حقهم في أرضهم. اليوم، يقف الأردنيون على قلب رجل واحد، مجددين العهد بأنهم الدرع الحامي للوطن، وأنهم لن يسمحوا بأي مشروع يهدد أمنهم واستقرارهم.