خلال أسابيع معدودة، صرّح ترامب بتهجير أهل غزة وكأن مصير أمة بأكملها أصبح اختبارًا متعدد الخيارات؛ شمالًا، غربًا، بعيدًا، كل يوم يُطرح اسم دولة، لكنه أصلاً لا يعنيه أين، فالمهم أن يُمحى الوجود قبل المكان، وكأن القضية مجرد تغيير موقع على الخريطة.
لكن الأمر ليس جهلًا بالموقع الجغرافي المستهدف، بل إخراجٌ ممنهجٌ لفكر كان يُحاك في الخفاء إلى العلن، ليصبح على طاولة النقاش وكأنه واقع محتمل.
رئيس أقوى دولة في العالم يتحدث عن تهجير شعب بأكمله، ويختبر مقاومة العالم لمشاريع مسمومةٍ كانت تُدار تحت الطاولة، واليوم تُطرح كبدائل جريئة.
ترامب لا يقترح حلولًا، بل يعيد هندسة الوعي السياسي؛ يدفع العالم من الصدمة إلى التأقلم، ومن الاستحالة إلى الاحتمال، مستغلًا الفوضى لترسيخ واقعٍ لم يكن ليُذكر حتى كفرضية.
لكن الصمت أمام هذا الطرح ليس حيادًا، بل مشاركة في ترسيخ سابقة تهدد أسس العدالة، وتفتح الباب أمام شرعنة الإقصاء كخيار سياسي مشروع.
لكنه، مهما حاول، لن يُغيّر مسار التاريخ، فهذه الأرض لأهلها، وهذه معركةٌ لها وعدٌ سابق، وعد الله الحق، أن لا تبديل ولا تحويل، وأنهم إليها عائدون ولو بعد حين.