دارت دوائر الحروب فكنا لها جنودًا أشداء وها نحن نجدد العزم فينا ولا نترك الواجب نحو الإخوة الذين تجمعنا بهم روابط لا تنفصم عراها من الدم واللغة والتاريخ والقيم النبيلة ، ها هو سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كعهد أجدادنا وآبائنا بأجداده وآبائه يسير على نهج الحكمة في دفع العاديات بما يملك من ذكاء متوارث وإحساس بالمسؤولية ومعرفة بسمات شعبه الوفي الذي ما تخلى يومًا عن واجبه حين نكص الآخرون ولا أحجم حين ارتجفت فرائص الشجعان ، ها هو حين دعاه الواجب نحو غزة وفلسطين لبّى وقدّم ما تستطيعه البلاد وما يجود به الأخ لأخيه فما ترك منبرًا إلا وكانت قضيته الأولى فلسطين وما ترك محفلًا إلا وكانت فلسطين وغزة حاضرتين فيه ، وها هو بعد اتفاقية وقف إطلاق النار بين حماس والاحتلال الغاشم المدجج بالسلاح والمدلل لدى أمريكا وحزب الناتو ، ها هو جلالته يحمل أمانة الوقوف بوجه ما تبع ذلك من تعنت أمريكي بعد تبني المتصهين الأمريكي المتغطرس دونالد ترمب لمشروع تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر ، فمنذ أعلن هذا الذي لا يملك حقًا له عندنا رغبته ومخططه الذي لا يستطيع تنفيذه رغم إرادتنا سوى بالحرب ، منذ ذلك الإعلان وجلالة الملك لا يقر له جنب في سبيل إفشال هذا المخطط الذي يعني ترحيل مشكلة الكيان الغاصب إلى الأردن ومصر ، فعبر تصريح بلسان عربي مبين ومن عمان أعلن جلالته كما أعلن مرات قبلها أن الأردن لن يسمح بالتوطين وأن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين ، وعلى لسان وزير خارجيتنا جاء الرد صارخًا بأن الأردن إن فرضت عليه الحرب فسيقاتل ، ثم قام جلالته بعقد لقاءات وأجرى اتصالات هدفت إلى موقف عربي موحد لمواجهة ما ألمّ بالعرب فالقضية الفلسطينية كانت في الرؤية الأردنية دومًا قضية مركزية لا تعني الفلسطينيين فحسب ، ونشطت الدبلوماسية الأردنية الخارجية بل والمؤسسة العسكرية للرد على من يظن الأردن لقمة سائغة .
ثم كان لقاء صاحب الجلالة بالرئيس الأمريكي الذي أعلن جلالة الملك فيه أنه لن يدخر جهدًا في سبيل خدمة قضية بلدنا وبأن الرد الأردني سيكون عربيًا حيث سيقوم وفد عربي بزيارة واشنطن وإبلاغها بالرؤية العربية لإعمار غزة .
أننا نثمن موقف جلالة الملك ونشد عضد جلالته كأردنيين ما عرفوا النكوص عن أداء واجبهم نحو بلادهم ومليكهم المفدى وما بخلوا على ضيوفهم وإخوتهم بنصرة ولا بفزعة .
كأردني أرفع رأسي كما كان على الدوام عاليًا ومرتفعًا ومترفعًا عن السقوط في مهاوي الذل والخنوع.
الأردن هذا الحمى العربي الذي صبر وصابر وبذل دم أبنائه فداء لفلسطين ، فلسطين التي لا تجد مدينة ولا قبيلة أردنية إلا ولها فيها شهيد منذ أن اختلط دم كايد مفلح عبيدات بترابها ومنذ أن تعمد النهر بالدم الأردني صاعدًا نحو معارج الشهادة والخلود ، منذ بارودة ميم ١٤ ذات الأخمص الخشبي ، منذ رشاش براوننغ وروكيت سلاح أبي ، منذ زين كتف الجندي الأردني وجبهته الشعار الأعز فوق شماغ هدبته أمي ، ومنذ فزعات النخوة والكرامة والذود عن العروبة التي كانت وما زالت عقيدة في العسكرية الأردنية التي خلا شعارها من اسم الأردن واحتفى بالعروبة فكان (الجيش العربي) عربي القلب واليد واللسان .
منذ عبدالله الأول وفي القلب الأردني ولاء لفلسطين وانتماء لترابها ، في قدسها وخليلها ولطرونها وباب وادها وكفر عصيونها وقرى وأسماء عرفتها من رواة لا يخونون ولا ينسىون ولا يكذبون ، منذ حفظ الفتى قصيدة (يافا لقد جف دمعي وانتحبت دما ) .
مَن مثل نبلك أيها الأردني العروبي العاشق لبلده وعروبته وإخوته ، الواقف كالطود على أرض كانت على الدوام غالية ومحروسة بصلوات الجدات وأدعية الأمهات محروسة بالليوث تزأر حين يدعو الداعي وتهب من عرينها ملبية نداء الوطن .
دمت بخير أيتها البلاد ودام جلالة الملك عبدالله الثاني لواء فخر وطود ثبات يلتف حوله الأردنيون الغيارى مؤمنين بحكمته مجددين له العهد بأن يبقى الأردن دار عز وموطن منعة .
حمى الله مليكنا وبلادنا وأهلنا هو نعم المولى ونعم النصير وإنا لَماضون.