في الوقت الذي ننشغل فيه - ويُراد لنا أن ننشغل وينشغل غيرنا - بمتابعة وملاحقة تصريحات وتهويمات ترمب وكم هي كثيرة وسخيفة مضحكة وغير قابلة للتحقق كما يبدو ، في هذا الوقت لا يعدم أداته في المنطقة "نتنياهو" وسيلة للسير في مخطط واقعي على الأرض الفلسطينية التابعة لحكم الرئيس الفلسطيني ، وكذلك على خط الحدود الأردنية ، هذا المخطط الذي تظهر ملامحه في حرب يخوضها دون ضجيج إعلامي على المدن التابعة للسلطة الفلسطينية ، مثلما تظهر في تشكيل فرقة من الجيش على خط الحدود مع الأردن .
وفي الوقت الذي باتت فيه تلك السلطة مطيّةً لنتنياهو بسكوتها بل وربما جاز القول برضاها غير المعلن وجهدها في استئصال روح المقاومة لدى سكان هذه المدن لعزلها عما يحدث في القطاع المجاور الذي يبدو أنه "يزعج "عباس" و"يقهر " نتنياهو فتجدهما حريصَين على هزيمة حماس ومجتهدَين لتحقيق ذلك وفق اتفاقية أمنية مذلّة تحت مسمى التنسيق الأمنيّ مع أذرعة الكيان وهو تنسيق بات يحكم علاقة نتنياهو بعباس الذي يبدو عاجزًا وغير قادر على تمثيل الشعب الفلسطيني وتحقيق الحدّ الأدنى من الرضا والقبول الشعبيّ .
هذا المخطط الصهيو أمريكي ينبغي الانتباه له واستحضاره عند الحديث عن قضية التهجير لفلسطينيي غزة التي لا يمكن لها أن تتم واقعيًا إلا بخوض حرب يخشى العدوّ نتائجها سيما وأنه وبغض الطرف عن نجاحه الظاهريّ بتحقيق النصر وفق مقياسه الذي ينظر إلى الدمار الذي أحدثه وإلى عدد الشهداء الهائل الذين ارتقوا وإلى عدد يفوق هذا بمرات من الجرحى والمفقودين والهائمين دون بيوت ولا ملاذات آمنة تقيهم برد شتاء قارص وحرّ صيف يبدو أنه سيكون ساخنًا دون صفيح هذه المرة ، وهو مخطط يهدف إلى التضييق على حماس وعدم السماح بتنامي روح المقاومة في مدن طولكرم وجنين وسقيقاتهما ، مثلما لا يسمح بزيادة عدد المناصرين والمؤمنين بالمقاومة في أراضي حكم الكيان تحت مسمى حكم عباس بل وفرض سياسة إسقاط حماس واختفائها عن المشهد السياسي الذي هو غاية مشتركة لكل من الكيان وعباس على حد سواء .
المطلوب الآن أمريكيًا وإسرائيليًا صرف الأنظار وتشتيت الرؤى وإثارة نقاشات لم تكن مطروحة للنقاش من قبل في محاولة لتحقيق هدف لم يستطع الكيان والداعمون له تحقيقه في الحرب مع حماس ، وهو إنهاء حماس بتقليم أظافرها بل وقطع أيدي المقاومين بمشروع تفاوضي ينال رضا العرب أو لنقل ينال عدم سخطهم ، مشروع يقضي على روح المقاومة في نفوس الشعوب العربية المشتاقة للشعور بالعزة .
احذروا أيها الزعماء من أن تريحوا الكيان الغاشم بمبادرة عربية يكون المطلوب الأول فيها رأس المقاومة ودعوا المقاومة ، دعوها فهي تعلم جيدًا إلى أين تتّجه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة .