تعدّ سرايا السلط أو "دار الحكومة" من أبرز المعالم التاريخية في المدينة، إذ شهدت على حقب زمنية مختلفة وكانت مركزًا للإدارة والحكم في السلط خلال الفترة العثمانية وما بعدها. تقع السرايا في أول محلة الأكراد بالقرب من ساحة العين، حيث كانت تشرف على المدينة وتجاور عيون الماء التي استقت منها السلط لعقود طويلة.
تاريخ المبنى ووظيفته
كانت سرايا السلط مقرًا للدوائر الحكومية، حيث احتضنت متصرفية اللواء والمحاكم النظامية، إضافة إلى قسم الشرطة والدرك. كان الطابق الأول يضم السجن بثلاث بوابات مقوسة، وهو السجن الذي أصبح لاحقًا نظارة بعد نقله إلى موقع آخر عند سفح جبل السلالم في مركز الفرسان، المجهز بإسطبل للخيول. أما الطابق الثاني، فكان الوصول إليه يتم عبر درج خارجي دائري شهير يتفرع إلى اتجاهين، أحدهما يؤدي إلى المتصرفية والآخر إلى المحاكم، بينما احتوى الوسط على دوائر المالية والطابو (تسجيل الأراضي).
ملامح معمارية مميزة
تميزت سرايا السلط بهندستها العثمانية الفريدة، حيث بُني سقفها على شكل جملوني يستند إلى هيكل خشبي متين، بينما زينت واجهتها الأمامية بالطغراء السلطانية العثمانية، التي مثلت رمزًا للسلطة الحاكمة آنذاك. في المدخل، وُضعت بوابة حديدية كبيرة تحرسها كوخان حجريان، حيث وقف جنود الدرك لحماية المبنى، مما عزز هيبته كرمز للسلطة والقانون.
صورة من أربعينيات القرن الماضي
في إحدى الصور النادرة التي تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، يظهر عدد من وجهاء وأهالي السلط وهم يقفون على درجات السرايا الخارجية الدائرية الشهيرة، حيث كانوا يحتفلون بمناسبة التقطت خلالها هذه الصورة التوثيقية. وقد تم التعرف على العديد من الشخصيات في الصورة، منهم:
الشيخ محمد أمين الشنقيطي
أحمد صدقي الجندي، قائد المنطقة العسكرية
عليان السالم الحياري
جميل المحمود الخليفة النسور
الحاج عبد الله الداوود، رئيس البلدية
عبد الكريم العزب النسور
عبد المعطي العزب النسور
أيوب الفاخوري (الخوري)
السرايا بين الماضي والحاضر
مع مرور الزمن، لم يعد المبنى يؤدي وظائفه الحكومية، لكنه لا يزال يحتفظ برمزيته في وجدان أبناء السلط، إذ يعتبر أحد الشواهد الباقية على تاريخ المدينة العريق، الذي يمتد لعصور طويلة. واليوم، تظل سرايا السلط جزءًا لا يتجزأ من الهوية المعمارية للمدينة، وتحمل بين جدرانها ذكريات لأجيال عاشت بين أروقتها، وكانت شاهدة على أحداثها السياسية والاجتماعية.