استوقفني بالامس زيارة الرئيس زيلينسكي الى البيت الأبيض ابتداءا من زي الرئيس الاوكراني ، والمعركة الكلامية مع الرئيس الامريكي ونائبه ، والعديد من التصرفات التي تخرج عن بروتوكولات "زيارة الدولة" والتي انتهت بطرد الرئيس الاوكراني من البيت الأبيض . ليقوم بعدها الرئيس الاوكراني بشكر الولايات المتحدة والرئيس ترامب من خلال تغريدة على دعمهم .
وهنا لا بد من الاشارة الى ان عدد سكان أوكرانيا يقارب 38 مليون نسمة ، ومساحتها 603 ألف كم مربع ، والناتج القومي الاجمالي 181 مليار دولار عام 2024. كما تعد اوكرانيا اكبر مصدر للحبوب وزيت عباد الشمس في العالم ، و تعتبر سلة خبز أوروبا. عسكريا وكاخر تحديث عام 2025 يمتلك الجيش الاوكراني 900 الف جندي نشط و1,2 مليون جندي احتياط وأوكرانيا تمتلك دعم لا محدود من الأتحاد الأوروبي .
وهنا أود أن أقارن هذه الزيارة بزيارة جلالة الملك والتي تم بها الالتزام ببروتوكلات "زيارة الدولة "من الجانب الاردني ، واحتواء كسر البروتوكول بادخال الصحافه في غير الموعد المحدد ،والاجوبة الدبلوماسية من قبل جلالة الملك والتي اكدت على موقف الاردن الثابت دون افتعال مواجهة كلامية مع الجانب الامريكي . وبعد الزيارة أعاد جلالة الملك على التاكيد على موقف الاردن من خلال تغريدة وأصدر البيت الابيض بيانا رسميا بذلك الموقف كما قام الرئيس الامريكي بتوجيه رسالة للشعب الاردني وأكد بان جلالة الملك قائد عظيم يتمتع بحضور واحترام عالمي .
لقاء الملك كاول زعيم عربي مع الرئيس ترامب والمباحثات الموسعة اعادت الإعتبار الى العلاقة الإستراتيجية للبلدين في المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية . هذه العلاقة التي تأثرت كثيرا في اواخر الفتره الرئاسية الاولى لترامب نتيجة رفض الملك والأردن لما سمي " صفقة القرن" .وقد عبّر الرئيس عن حرصه الأكيد للحفاظ على هذه العلاقة الاسترتيجية و ان الإدارة الامريكية تدرك وتقدّر الدور الاردني في التعاطي مع الازمات وتحرص على الاستماع الى وجهة النظر الاردنية وتثق بالاردن ودوره الاقليمي .
لقد استطاع جلالة الملك بحنكته السياسه واجتماعاته ومكالماته مع قادة الدول العربية من الاستفادة من الدعم العربي القوي وخاصة المملكه العربيه السعوديه وجمهورية مصر العربية في مواجهة المقترح الامريكي " التهجير " والتوجيه الى فكرة تقديم حل عربي بديل لهذا المقترح . وهذا فن الممكن حيث عرف الواقعيون السياسه بأنها فن الممكن أي دراسة وتغيير الواقع السياسي موضوعيًا وليس الخطأ الشائع، وهو أن فن الممكن هو الخضوع للواقع السياسي وعدم تغييره بناء على حسابات القوة المصلحة.
بمرور الايام يثبت دوما نجاح وحصافة السياسه الخارجية الاردنية بقيادة جلالة الملك في الحفاظ على المصالح العليا للدولة الاردنية فقبل ذلك وخلال الرئاسة الاولى لترمب عانى الاردن الامريين في مواجهة صفقة القرن . لكن الثابت دوما بان القياده الحكيمه لجلالة الملك تجعل الاردن يتخطى هذه الازمات بأقل الاضرار دون التنازل عن الثوابت مع الحفاظ على مصالح الدوله والحفاظ على صورة الاردن وسمعته المشرفة .