أربعون يومًا مضت منذ أن غابت أمي الحنونة عن دنيانا، لكنها لم تغب عن قلبي وعقلي وذكرياتي. أربعون يومًا مرت ومرّ معها جزء من روحي، فالأم ليست مجرد شخص في حياتنا، بل هي الحياة بذاتها، هي الدفء الذي نحتمي به، والحضن الذي نلجأ إليه، والقلب الذي لا يتغير مهما قست الظروف.
رأيتُ نور الحياة في وجهكِ الصبوح، يا أمي، كنتِ لي النور الذي يرشدني، والسند الذي يقوّيني. كم كنتِ أمًا صالحة وفاضلة وصبورة، حملتِ مشقة العمر في تربيتي، وتحملتِ كل المتاعب لأجلي، فكنتِ تفرحين لفرحي وتحزنين لحزني، لم تشتكي يومًا ضيق العيش، بل كنتِ قانعة، زاهدة، راضية، لم تعرفي إلا العطاء، ولم تبخلي يومًا بحبكِ وحنانكِ.
ألم الفقد وحزن الأيام
تمر الأيام بدونكِ، لكنها لا تمر بسهولة، فكم هي موحشة دون صوتكِ، دون دعواتكِ التي كانت منار طريقي. افتقدتُ ابتسامتكِ التي كانت تطمئن قلبي، افتقدتُ كلماتكِ التي كانت تزيل همومي، افتقدتُ وجودكِ الذي كان يمنحني القوة. كنتِ الصديقة والحنونة، كنتِ الحضن الدافئ الذي يحتوي ضعفي، كنتِ الدعاء الذي يحميني.
دعاء إلى روحكِ الطاهرة
أمي الحبيبة، أسأل الله أن يجعل دعواتكِ لي من نصيبي، وأن يهديني بها إلى طريق الخير، فلطالما كنتِ تدعين لي في حياتكِ، ولا زلت أشعر بأن بركات دعواتكِ تحيط بي حتى بعد رحيلكِ. الموت حق، ولقاء الله وعد، لكن الفراق صعب، والاشتياق موجع.
اللهم ارحم أمي رحمة واسعة، واغفر لها، وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة. اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأنر لها فيه، ووسع مدخلها، وآنس وحشتها. اللهم اجعل أعمالها الطيبة نورًا يضيء لها طريق الآخرة، وأكرمها برحمتك وعفوك.
اللهم اجمعني بها في جنات النعيم، وارحم جميع أمهات المسلمين، واجعل مثواهن في أعلى عليين.