لم يكن الوكيل عدي محمد عبد المجيد الخرابشة مجرد اسمٍ في سجل الشهداء، بل كان قصة بطولةٍ تُروى للأجيال، ورمزًا للتضحية التي لا تعرف التراجع. رجلٌ آمن بأن الحياة لا تساوي شيئًا إن لم تكن في خدمة الآخرين، فسار في درب الفداء حتى آخر لحظةٍ من عمره، مقدمًا روحه الطاهرة فداءً للوطن والإنسانية.
لحظة الفداء.. إنقاذ بروح الشجاعة
في واحدةٍ من أكثر العمليات تعقيدًا، استُدعي الخرابشة مع زملائه من الدفاع المدني لإنقاذ شخصين سقطا داخل حفرةٍ عميقةٍ تجاوزت الثلاثين مترًا في أحد المنازل بالعاصمة عمّان. لم يتردد لحظةً، بل نزل إلى قلب الخطر مدركًا أن لكل ثانيةٍ ثمنها، وأن أرواحًا تنتظر أن تمتد لها يد العون. لم يكن يعلم أن تلك اللحظة ستكتب نهايته، لكنها كانت نهايةً تليق بالأبطال، نهايةٌ رسمت ملامح الشهامة الأردنية بأبهى صورها.
وداعٌ يليق بالأبطال
حين زُف جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير، لم يكن مجرد جنازة، بل كان موكبًا من الحزن والفخر معًا. رجال الأمن العام، زملاؤه في الميدان، أصدقاؤه، وأبناء وطنه وقفوا إجلالًا له، مودعين من وهب حياته للآخرين. كانت لحظةً مهيبةً، امتزجت فيها الدموع بالدعوات، والقلوب بالفخر والعرفان.
عدي الخرابشة.. رمزٌ خالدٌ في ذاكرة الوطن
لم يكن الخرابشة أول من ضحى ولن يكون الأخير، لكن قصته ستبقى محفورةً في ذاكرة كل أردنيّ، عنوانًا للتفاني ونبراسًا لمن يأتي بعده. في كل مرةٍ نسمع فيها عن رجال الدفاع المدني وهم يندفعون نحو الخطر لإنقاذ الأرواح، سنذكر عدي، وسنردد اسمه بكل فخرٍ واعتزاز.
هكذا هم الأبطال، يرحلون بأجسادهم، لكن ذكراهم تبقى حيةً، تُنير دروب العطاء والتضحية. رحمك الله يا عدي، وأسكنك فسيح جناته، وجعل ذكراك درسًا في البطولة لا ينسى.