عندما يكون الولاء والإنجازات في كفة، والعاطفة والانفعالات في كفة أخرى، نجد أنفسنا أمام قصة رأفت علي، أسطورة نادي الوحدات التي تعرضت لظلم قاسٍ من بعض جماهير الفريق بعد الخسارة أمام الفيصلي في الدوري الأردني ... تلك الخسارة لم تكن مجرد فقدان ثلاث نقاط، بل تحولت إلى حملة شرسة من الهجوم والتنمر، طالت لاعباً ومدرباً أفنى حياته في خدمة القلعة الخضراء.
ليس هناك مشجع وحداتي واحد يمكنه إنكار ما قدمه رأفت علي لهذا النادي ... كقائد في الملعب، حمل الفريق على أكتافه في أصعب الظروف، وقاده إلى منصات التتويج مرات عديدة... هو اللاعب الذي صنع الفارق في أمجاد الوحدات، وهو المدرب الذي تحمل مسؤولية الفريق في فترة حساسة، رغم كل التحديات الفنية والإدارية التي أحاطت به.
لكن بعد الخسارة أمام الفيصلي، تعرض رأفت لوابل من الشتائم والإهانات، كأن كل تاريخه الحافل قد مُحي بلمح البصر ... هل يُعقل أن تُقابل مسيرة من الوفاء بهذه القسوة؟ هل يُعقل أن تُنسى الإنجازات لمجرد تعثر في مباراة؟
لا شك أن الجماهير لها الحق في الغضب، فهي قلب النادي النابض، وتتألم لكل خسارة ... لكن ما حدث مع رأفت تجاوز حدود النقد إلى التنمر والإهانة الشخصية ... لقد نُسيت الظروف الصعبة التي يمر بها الفريق، نُسيت كل الجهود التي بُذلت، وتركزت الأنظار فقط على تصيد الأخطاء.
التصريح الذي أدلى به رأفت بعد المباراة، والذي أبدى فيه استياءه من الهجوم المستمر عليه، فُسر على أنه استهزاء بالجماهير، رغم أنه كان موجهاً لفئة معينة فقط، وليس لجماهير الوحدات العريضة التي يعرف رأفت أكثر من غيره أنها كانت وستظل سند الفريق ... ورغم تقديمه اعتذاراً سريعاً، إلا أن ذلك لم يشفع له، ووجد نفسه خارج أسوار النادي الذي كرّس له سنوات عمره.
قرار إدارة الوحدات بإقالة رأفت علي لم يكن فنياً بقدر ما كان استجابة للضغط الجماهيري المتصاعد ... وهنا يبرز السؤال: هل تستحق خسارة مباراة واحدة التضحية برمز من رموز النادي؟ أم أن الإدارة كان عليها حماية مدربها ومنحه الدعم الذي يحتاجه، بدلاً من التخلي عنه في أول اختبار صعب؟
رأفت علي ليس مجرد مدرب عابر، بل هو أسطورة حفرت اسمها في ذاكرة كل وحداتي ... قد تكون هناك أخطاء، وقد يكون هناك تقصير، لكن لا يمكن أن يُلغى كل شيء بلحظة غضب.
جماهير الوحدات، التي طالما وقفت خلف فريقها، يجب أن تتذكر أن كرة القدم يوم لك ويوم عليك، وأن الوفاء لمن خدم النادي يجب أن يبقى أكبر من الانفعالات اللحظية.
ربما رحل رأفت علي عن دكة البدلاء، لكنه سيبقى في قلوب الوحداتيين الذين يعرفون قيمته الحقيقية ... فهل آن الأوان لإعادة النظر في طريقة تعامل الجماهير مع رموزها؟