نهاية كل وظيفة رسمية هي التقاعد، وهذه سنة الحياة، حيث لا أحد يظل مخلدًا في مكانه إلى الأبد. ولكن، في بعض الحالات، قد يتساءل المرء عن سبب إحالة بعض الأشخاص للتقاعد في وقت غير مناسب وظروف غير واضحة.
مؤخراً، تم إحالة العميد كريم الشوشان إلى التقاعد بعد مسيرة طويلة من العطاء، حيث كان يشغل منصب مدير مكتب مديري الأمن العام لمدة اثني عشر عامًا. لكن الإحالة جاءت في ظروف غريبة للغاية، إذ كان العميد الشوشان منتدبًا للعمل في السفارة الأردنية في الرياض، كضابط ارتباط، حيث لم يكمل مدة انتدابه، ليتم إعادته إلى بلاده بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار. ولعل ما يثير التساؤل أكثر هو أن أبناءه، الذين كانوا في مرحلة دراسية هامة، تعرضوا لضغوطات كبيرة جراء هذه الإحالة المفاجئة، إذ كان ابنه في مرحلة الثانوية العامة، مما سيؤثر بشكل كبير على مستقبله الأكاديمي.
إن الإحالة للتقاعد في حد ذاتها أمر طبيعي، ولكن هناك حالات تستحق التوقف عندها، خاصة عندما تكون الإحالة غير مبررة ولا تراعي ظروف الفرد وحياته. العميد الشوشان، على سبيل المثال، هو رجل تعرض لإصابات بالغة في حادثة تفجير السفارة الأردنية في بغداد قبل سنوات، ومع ذلك، ظل مثالًا للنزاهة والاستقامة. كان معروفًا بانفتاحه على جميع فئات المجتمع الأردني، وتقديم الدعم والمساعدة للفقراء والمحتاجين بصمت وبدون أي دعاية.
ورغم كل هذه الإنجازات، جاء قرار التقاعد في توقيت غير مناسب، وكأنما يُراد معاقبته على نزاهته واحترافيته. هذا يثير العديد من التساؤلات حول العدالة في هذه القرارات، وخاصة عندما تُتخذ بطريقة مفاجئة وغير مبررة، مما قد يُفهم كعقاب لشخص لم يقترف أي خطأ سوى قيامه بواجبه بكل نزاهة.
إن هذه القضية تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول كيفية اتخاذ قرارات الإحالة للتقاعد في مختلف المؤسسات الحكومية، ومدى مراعاة الظروف الشخصية والمهنية للأفراد. ففي كثير من الأحيان، نلاحظ أن الأشخاص الذين خدموا الدولة بجد واجتهاد يتم إحالتهم للتقاعد بشكل مفاجئ، مما يخلق شعورًا بالظلم والاستياء، ويُعرّض سمعة المؤسسات لأضرار كبيرة.
إذا كانت هناك حسابات شخصية وراء هذه القرارات، فإن ذلك سيزيد من عدم الثقة بين الموظفين والمسؤولين، وسينعكس سلبًا على الأداء العام. لا بد من وجود آلية أكثر شفافية وعدالة في اتخاذ قرارات التقاعد، تضمن أن تكون في مصلحة الوطن والمواطن، وألا تُستخدم كأداة للعقاب أو الانتقام.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن الإحالة للتقاعد يجب أن تكون نتيجة لقرار مهني نابع من تقييم موضوعي للأداء، وليس كعقوبة شخصية أو حسابات غير مهنية. وعلينا جميعًا أن نعمل على ضمان أن يتم اتخاذ هذه القرارات بحذر ووفق معايير عادلة تحفظ كرامة الجميع.