وسط عالم يموج بالصراعات والمتغيرات، يبرز الأردن كواحة استقرار بفضل قيادة استثنائية تتقن فن إدارة الأزمات والمواقف الدولية.
الملك عبدالله الثاني، القائد الذي صاغ معادلة دقيقة تجمع بين الحزم والدبلوماسية، أثبت أنه ليس مجرد زعيم لدولة صغيرة جغرافياً، بل رقم صعب في معادلات السياسة العالمية.
القائد الذي لا يساوم على القدس
في زمن تتساقط فيه المواقف وتُباع القضايا، ظل الملك عبدالله الثاني ثابتًا في موقفه من القضية الفلسطينية. رفض كل محاولات تصفية حقوق الفلسطينيين، وتصدى لما سُمي بـ"صفقة القرن" دون تردد، مؤكدًا أن أي حل لا يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو حل مرفوض. وفي كل محفل دولي، لم يترك مناسبة إلا وأعاد التأكيد على أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ليست مجرد التزام، بل مسؤولية تاريخية لا تقبل المساومة.
لاعب محوري في صراعات الإقليم
لم يكن الأردن بمنأى عن الأزمات الإقليمية، لكنه ظل متماسكًا، مدركًا أن دوره يتجاوز حدوده الجغرافية. فمع اشتعال الأزمة السورية، فتح أبوابه لاستقبال أكثر من مليون لاجئ، رغم التحديات الاقتصادية. وعندما تحولت المنطقة إلى ساحة مفتوحة للحروب بالوكالة، كان الأردن صمام الأمان، يرفض الانخراط في مغامرات غير محسوبة، لكنه في الوقت نفسه، لا يتردد في الدفاع عن أمنه القومي.
معادلة التوازن بين الشرق والغرب
في زمن الاستقطاب الحاد، حيث الاصطفافات الإقليمية ترسم المشهد السياسي، نجح الملك عبدالله الثاني في إبقاء الأردن على مسافة واحدة من الجميع، دون أن يفقد أياً من تحالفاته. عزز شراكاته مع الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه لم يغفل عن علاقاته بالعالم العربي، مؤكداً أن الأردن لا يتحرك وفق أجندات الآخرين، بل وفق مصالحه الوطنية العليا.
تحديات الداخل.. ملك في قلب الشعب
لم تكن التحديات داخلية أقل وطأة من تلك الخارجية. فمع أزمة كورونا، تصدّر الأردن مشهد الدول التي تعاملت مع الجائحة بحزم وفاعلية، حيث اتخذت القيادة قرارات استباقية جنبّت البلاد كارثة صحية. ومع تصاعد التحديات الاقتصادية، أطلق جلالته مشاريع إصلاحية تهدف إلى تمكين الشباب وتعزيز الاقتصاد الوطني، متبنياً نهجًا لا يقوم على المسكنات المؤقتة، بل على حلول جذرية تضمن استدامة النمو.
قائد بحجم التحديات
في عالم يشهد تبدلات سريعة، تحتاج الدول إلى قادة يملكون الرؤية والقدرة على اتخاذ القرار في اللحظات الحرجة. الملك عبدالله الثاني ليس مجرد قائد عابر في تاريخ المنطقة، بل زعيم يُعيد تعريف فن القيادة، حيث الحكمة تُرافقها القوة، والثبات يُدعم بالمرونة، والتاريخ يُصنع لا يُستهلك.