في زمن تتسارع فيه وسائل الإعلام الحديثة، ويُحتفى بالثقافات والموروثات التي تُعزز الهوية الوطنية، يبرز في سماء مادبا شخصية تُعتبر منارة في مجال الإعلام والثقافة، إنه عيسى الفروخ أبو طلال. هذا الرجل الذي يُعتبر مرجعًا تاريخيًا هامًا ليس فقط في مجال الإعلام، بل أيضًا في توثيق تاريخ البادية الأردنية، هو أحد الأعلام الذين سطروا بصمتهم في عالم الإعلام المحلي، وعرف بين أبناء مجتمعه بكونه راويًا أمينًا لتاريخ الأجداد.
الراوي والمثقف
عيسى الفروخ، الذي ينحدر من عائلة ذات جذور عميقة في تاريخ مدينة مادبا والبادية الأردنية، ارتبط اسمه بأعمال إذاعية تُمثل جزءًا أساسيًا من الهوية الأردنية. يُعتبر برنامجه الإذاعي "تعاليل" عبر إذاعة بلدية مادبا الكبرى أحد البرامج الرائدة التي سلطت الضوء على جوانب من تراث البادية، كما أنه يُقدم من خلاله الكثير من القصص الشعبية والتاريخية التي تروي وقائع عاشها أهل المنطقة في مختلف العصور.
تُميز الفروخ قدرته الفائقة على سرد القصص التاريخية والمواقف التي مرت بها البادية الأردنية، بأسلوب عميق وشيق، ما يجعل المستمعين يشعرون وكأنهم يعيشون في قلب تلك الأحداث. هذه الموهبة لم تأتِ من فراغ؛ فالفروخ معروف بثقافته الواسعة ومعرفته التفصيلية بجغرافيا المنطقة، وبالأخص تاريخ العشائر والقبائل التي تعيش في البادية.
الإعلامي المحترم
لا تقتصر إسهامات الفروخ على كونه راويًا للتاريخ، بل يمتد عمله ليشمل دورًا كبيرًا في الإعلام المحلي. فقد أصبحت إذاعة بلدية مادبا الكبرى تحت إشرافه منبرًا إعلاميًا يرتكز على نشر الثقافة المحلية، ورفع الوعي بالموروث الثقافي والحضاري للمنطقة. ويعتبر برنامج "تعاليل" الذي يقدمه مثالًا حقيقيًا للإعلام المحلي الذي يركز على تبادل المعرفة وتعزيز الانتماء للأرض والتاريخ.
إنه لا يُعدّ فقط إعلاميًا محنكًا، بل أيضًا شخصية تحظى باحترام وتقدير الجميع. وتُعدّ سمعته الطيبة التي تسبق اسمه من أكثر العوامل التي جعلته يتمتع بشعبية واسعة بين الناس في مادبا وجميع مناطق البادية. فهو ليس مجرد مذيع يروي الحكايات، بل هو شخص ذو أخلاق عالية، يسعى دائمًا لنقل المعلومة بأمانة وصدق، ويفخر بتقديم تاريخ وثقافة المنطقة إلى الأجيال الجديدة.
التاريخ الشفوي والتوثيق الحي
من أكثر ما يُميز عمل الفروخ هو التوثيق الحيّ والشفوي، الذي يعكس أصالة المجتمع الأردني. حيث يُعتبر الفروخ أحد الحراس الرئيسيين للذاكرة الشعبية في البادية، إذ يتنقل بين القرى والمجتمعات لجمع الحكايات التي رواها كبار السن، ليحفظ بها التاريخ كما هو، بعيدًا عن التأويل أو التغيير. من خلال قصصه، يكشف الفروخ عن بطولات وأحداث شكلت ملامح مجتمع البادية الأردنية، ويُسهم بذلك في إحياء التراث وجعله جزءًا من الذاكرة الوطنية.
عيسى الفروخ أبو طلال هو أكثر من مجرد إعلامي، بل هو شخصية حية تمثل الجسر بين الماضي والحاضر في تاريخ مادبا والبادية الأردنية. من خلال عمله الدؤوب في توثيق التاريخ الشفوي والمشاركة في الإذاعة المحلية، نجح في تقديم تراث الأجداد للأجيال الجديدة بأسلوب احترافي وواقعي. ثقافته الواسعة وأسلوبه الراقي جعلاه أحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في إثراء الإعلام الأردني المحلي، مما يجعله بحق رائدًا في مجاله.
أصبح عيسى الفروخ رمزًا من رموز الإعلام الهادف، الذي يسعى لحفظ الهوية الثقافية من خلال الكلمة الطيبة والصدق في نقل الحقائق التاريخية.