في كل عام، يحتفل الأردنيون والعرب بذكرى معركة الكرامة وعيد الأم، وهما مناسبتان تحملان أسمى معاني التضحية والعطاء. فمعركة الكرامة شكلت نقطة تحول في تاريخ الأمة، إذ جسدت البطولة والفداء، بينما يمثل عيد الأم تكريمًا للمرأة التي تكرس حياتها في سبيل تنشئة أجيال قادرة على البناء والتغيير.
وكما قال الشاعر حافظ إبراهيم:
"الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق"
هذه الأبيات تلخص الدور الجوهري الذي تلعبه الأم في بناء المجتمع، فالأم ليست مجرد فرد في الأسرة، بل هي أساس التكوين النفسي والعلمي والروحي لأبنائها. ومن خلال دورها الفاعل، تصنع الأجيال القادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات.
الأم .. مصدر الحب والعطاء
الأم هي الحاضنة الأولى لأطفالها، تمنحهم الحب والحنان غير المشروط، وتوفر لهم بيئة دافئة وآمنة تسهم في بناء ثقتهم بأنفسهم. فالأطفال الذين ينشأون في بيئة مليئة بالحب والاحتواء يكتسبون قوة داخلية تمكنهم من مواجهة صعوبات الحياة بثقة وثبات.
كما أن دور الأم لا يقتصر على الرعاية العاطفية فقط، بل يمتد ليشمل التربية والتوجيه، فهي التي تغرس في أبنائها القيم والمبادئ الأساسية مثل الصدق، والأمانة، والاحترام، والمشاركة. هذه القيم هي الأساس الذي يبنى عليه المجتمع المتماسك والمتطور.
الأم معلمة الأجيال وبانية المستقبل
الأم ليست فقط رمزًا للعطف، بل هي المعلمة الأولى التي تؤسس للعلم والثقافة داخل الأسرة. فهي التي تتابع تعليم أطفالها، تساندهم في دراستهم، وتساعدهم على اكتشاف قدراتهم ومواهبهم. ومن خلال دورها التوجيهي، تسهم في صناعة علماء، ومبدعين، وقادة المستقبل.
كما أن الأم تلعب دورًا محوريًا في بناء شخصية الطفل، إذ تمنحه القوة والشجاعة لمواجهة التحديات. فالأم التي تزرع في قلب ابنها حب المعرفة، وتعلمه الصبر والاجتهاد، تساهم في خلق شخصية ناجحة قادرة على العطاء والإنجاز.
الأم ودورها في الصحة والتغذية
الاهتمام بصحة الأطفال من أولويات الأم، فهي التي تحرص على تقديم الغذاء الصحي المتوازن، وتتابع حالتهم الصحية، وتسهر على راحتهم عندما يمرضون. كما أنها تتابع التطورات الطبية والتوعوية لضمان سلامتهم الجسدية والعقلية.
الأم صديقة أبنائها وداعمتهم
الأم لا تكتفي بدور المربية، بل تتحول مع مرور السنوات إلى صديقة لأبنائها، تشاركهم اهتماماتهم، وتستمع إلى مشكلاتهم، وتقدم لهم الحلول المناسبة. هذا الدور يعزز العلاقة بين الأم وأبنائها، ويجعلهم أكثر قربًا منها، مما ينعكس إيجابًا على استقرارهم النفسي والاجتماعي.
الأم والقدوة الحسنة
تمثل الأم النموذج الأول الذي يقتدي به الأبناء، فتصرفاتها، وأخلاقها، وطريقة تعاملها مع الآخرين تؤثر في سلوكهم وتوجهاتهم في الحياة. ولهذا، فإن الأم التي تتحلى بالقيم الرفيعة، وتتمتع بروح العطاء والتسامح، تربي جيلاً يحمل نفس الصفات، ويسهم في بناء مجتمع متوازن وقوي.
دور الأم في بناء القادة والمبدعين
إن أعظم الشخصيات التي غيرت مجرى التاريخ كان لها أمهات استثنائيات، فالأم هي التي تكتشف مواهب طفلها، وتشجعه على تطويرها، وتدفعه إلى تحقيق أحلامه. ولو نظرنا إلى قصص النجاح العالمية، لوجدنا أن وراء كل شخصية عظيمة أمًا كرست حياتها من أجل بناء مستقبل مشرق لابنها.
الأم وطنٌ لا يعوض
إن الحديث عن الأم لا ينتهي، فدورها في حياة أبنائها يمتد منذ لحظة ولادتهم وحتى آخر يوم في حياتها. هي الحاضنة، المعلمة، القدوة، والداعمة الأولى، ومن دونها لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض أو يتطور.
لذلك، فإن عيد الأم ليس مجرد يوم للاحتفال، بل هو فرصة للتعبير عن الامتنان والعرفان لتلك الإنسانة التي قدمت كل شيء دون انتظار مقابل، فالأم هي فعلاً صانعة الأجيال العظيمة.