في رحاب شهر رمضان المبارك، الذي يطغى عليه الطابع الروحي والتأمل في ماضي الأيام، تستذكر "نيروز الإخبارية" شخصيات أثرت في مسيرة الوطن وجعلت من خدمته واجبًا ومبدأ. ومن بين هؤلاء الأبطال الذين ما زالوا محفورين في قلوب الأردنيين، يبرز اسم العميد الركن أمجد صلاح الدين الخص، الذي رحل عن دنيانا تاركًا وراءه إرثًا من العطاء والتفاني في خدمة وطنه، ليظل اسمه شامخًا في الذاكرة الوطنية.
العميد الركن أمجد الخص: رجل العطاء والإخلاص
عاش العميد الركن أمجد الخص حياة مليئة بالتحديات والمواقف التي صنعت منه رمزًا من رموز التضحية والإخلاص للوطن. وُلد في أسرة عريقة، وكان من أوائل الذين انخرطوا في صفوف القوات المسلحة الأردنية، ليؤدي واجبه العسكري بكل شجاعة وإيمان. تدرج في المناصب العسكرية حتى أصبح مثالاً يحتذى به في القيادة والتفاني في العمل.
منذ انضمامه إلى القوات المسلحة، كانت مسيرته مليئة بالإنجازات، حيث عمل على تطوير الكوادر العسكرية وتأهيلها بما يتناسب مع أحدث أساليب التدريب والتكتيك. كان يعتبر نفسه في خدمة الوطن بكل ما أوتي من قوة، متفانيًا في أداء واجبه في مختلف المهام التي أسندت إليه. وكان يتسم بالجدية والاحترام، إضافة إلى تفوقه في العديد من المهام العسكرية، ما جعله يحظى بتقدير جميع زملائه.
ولكنه، كما عرفه الجميع، لم يكن فقط قائدًا عسكريًا، بل كان إنسانًا بكل ما تحمل الكلمة من معنى. عُرف بحسن معاملته للآخرين، واهتمامه الكبير بزملائه وأبناء وطنه، فضلاً عن تطوعه الدائم في الأعمال الخيرية والمجتمعية.
رحيله المفاجئ: صدمة وطنية
في وقت كان الجميع يتوقع فيه المزيد من العطاء من هذا القائد الهمام، غيبه الموت بشكل مفاجئ بعد صراع طويل مع المرض. رحيل العميد الركن أمجد الخص كان بمثابة صدمة كبيرة لكل من عرفه عن قرب. فقد كانت شخصيته محط احترام وتقدير، وموته ترك فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وزملائه، سواء في القوات المسلحة أو في المجتمع الأردني بشكل عام.
كانت وفاته في مدينة الحسين الطبية، حيث لم يمهله المرض طويلاً، لتسدل الستار عن حياة مليئة بالعطاء والتضحية. ومع ذلك، فإن سيرة العميد الخص ستظل حية في الأذهان، وسيظل أثره حاضرًا في كل زاوية من زوايا هذا الوطن العزيز.
في رمضان: موسم الذكرى والتأمل
في هذا الشهر الكريم، الذي يتسم بموسم الذكرى والتأمل في حياتنا وحياة من سبقونا، نعود لنتذكر ذلك الرجل العظيم. رمضان هو شهر التكافل والتعاون، وفيه نُذكر بأن الفقدان لا يعني النهاية، بل إن الأرواح الطاهرة التي رحلت تظل حاضرة في قلوبنا وأذهاننا.
يأخذنا شهر رمضان إلى مراجعة العطاءات التي قدمها هؤلاء الأبطال من أجل رفعة هذا الوطن. العميد الركن أمجد الخص هو واحد من هؤلاء الذين أفنوا حياتهم في خدمة المملكة الأردنية الهاشمية، مخلصين في عملهم، صادقين في أداء واجبهم، ولم يترددوا في تقديم التضحيات من أجل أمن الوطن واستقراره.
في هذا الشهر المبارك، يستحضر الأردنيون مشهد الوداع الأخير لهذا البطل، حيث شيع جثمانه الطاهر إلى مقبرة ناعور بعد صلاة الظهر، وتقبلت عائلته التعازي في منزل الفقيد في منطقة أبو السنوس. وما زال محبوه يتذكرون المواقف العظيمة التي جمعهم به، مذكرين أنفسهم بالقيم التي علمهم إياها: الوفاء، الإخلاص، والشجاعة.
نيروز الإخبارية: ذاكرة الوطن وقيمه
من خلال هذه الذكرى، تبرز "نيروز الإخبارية" كأداة حية لتوثيق تاريخ الوطن وأبطاله الذين لهم فضل في مسيرة البناء والتطوير. ومن خلال تسليط الضوء على الشخصيات مثل العميد الركن أمجد الخص، تظل الصحافة الأردنية ملتزمة بحفظ الذاكرة الوطنية وتقدير المساهمات التي قدمها أبناء هذا الوطن في مختلف المجالات.
وفي هذا الشهر الفضيل، حيث تدعو النفحات الرمضانية للتذكر والتأمل، نرفع الأكف بالدعاء إلى الله عز وجل أن يتغمد فقيد الوطن بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته. اللهم اجعل عمله في ميزان حسناته، واجعل قبره روضة من رياض الجنة.
إن الأمة التي تقدر أبطالها، وتستذكرهم في أحلك الأوقات وأعظمها، هي أمة تبني المستقبل على أسس من الفخر والاعتزاز بماضيها. ونحن في "نيروز الإخبارية" إذ نستذكر هذه الشخصية الوطنية العظيمة، نؤكد أن تضحيات هؤلاء الأبطال تظل نبراسًا يُنير طريقنا نحو المستقبل. إنا لله وإنا إليه راجعون.