مع حلول شهر رمضان المبارك، يستذكر الأردنيون رجالات الوطن الذين تركوا بصماتهم في تاريخ المجتمع، ومن بينهم الشيخ ذيب العرقوب الخريشا، الرجل الذي جسّد معاني الشهامة والكرم والتفاني في خدمة الوطن والقبيلة. في هذا الشهر الفضيل، حيث تجتمع العائلات وتتجدد القيم، يبقى ذكره حيًا في قلوب من عرفوه واستفادوا من حكمته ومواقفه النبيلة.
ذيب العرقوب.. اسم محفور في ذاكرة بني صخر والأردن
وُلد الشيخ ذيب العرقوب في بيئة عشائرية أصيلة، نشأ فيها على قيم الرجولة والكرم والشهامة التي تميز قبيلة بني صخر، إحدى كبريات القبائل الأردنية ذات التاريخ العريق. عُرف بمواقفه الثابتة، حيث كان سندًا للمحتاج، وصوتًا للحق، وحكيمًا يُلجأ إليه في حل النزاعات والخلافات العشائرية.
لم يكن مجرد زعيم عشائري، بل كان رجلًا يحمل فكرًا وقيمًا سامية، عمل جاهدًا من أجل رفعة قبيلته وخدمة أبناء مجتمعه، فكان ملاذًا لمن قصده، وسندًا لكل من احتاج إلى نصيحته أو تدخله في القضايا العشائرية والوطنية.
رمضان في حياة الشيخ ذيب العرقوب.. مدرسة في الكرم والتقوى
كان الشيخ ذيب العرقوب مثالًا في الكرم، خاصة في شهر رمضان، حيث كانت مضيفته عامرة بالضيوف من مختلف المناطق، يتوافد إليها القريب والبعيد، ليجدوا فيها مائدة تجمع الجميع على المحبة والإخاء. لم يكن يفرّق بين ضيف وآخر، فالجميع كانوا أهلًا في بيته، وكان يحرص على استقبال كل من قصد مجلسه بحفاوة تليق بمكانته وكرمه المعروف.
لم يكن رمضان عند الشيخ ذيب مجرد طقوس دينية، بل كان فرصة لتعزيز روابط الأخوّة والتواصل بين الناس، حيث كان مجلسه يتحول إلى ساحة للنقاشات الهادفة، وحل المشكلات العالقة، وتقديم الدعم للمحتاجين بكل أشكاله، سواء المادي أو المعنوي.
مواقف مشرفة خلدها التاريخ
لم تقتصر إنجازات الشيخ ذيب العرقوب على الكرم وحل النزاعات العشائرية، بل كان صاحب مواقف وطنية ثابتة. كان يؤمن بأن العشائر الأردنية جزء لا يتجزأ من نسيج الدولة، وأن دورها يكمن في دعم الاستقرار والوقوف خلف القيادة الهاشمية في كل الظروف.
من أبرز مواقفه المشرفة، دوره في تعزيز الوحدة الوطنية، حيث كان يسعى دائمًا لرأب الصدع بين العشائر، والعمل على تحقيق المصالحات، مؤمنًا بأن قوة العشائر تكمن في تماسكها، وليس في النزاعات بينها.
إرث خالد في قلوب الأجيال
رغم مرور أكثر من ربع قرن على رحيله، إلا أن ذكرى الشيخ ذيب العرقوب الخريشا لا تزال حاضرة في قلوب أبناء قبيلته وكل من عرفه. فقد ترك إرثًا من القيم والمبادئ التي سار عليها أبناؤه وأحفاده، حاملين راية العز التي رفعها بيده.
وها هو شهر رمضان المبارك يعيد إلى الأذهان صورًا من حياته، حين كان يجلس في مضيفه، يستقبل الضيوف، ويستمع إليهم بحكمة، وينثر كلماته التي لا تزال تُروى في المجالس.
كلمة وفاء في ذكراه
في نيروز الإخبارية، ونحن نستذكر هذه القامة العشائرية في شهر الخير، نؤكد أن الأردن، بقيادته وشعبه، يفخر برجاله الأوفياء الذين صنعوا التاريخ بأخلاقهم ومواقفهم النبيلة. ستبقى سيرته العطرة درسًا للأجيال، ورمزًا للعز والشهامة التي يتوارثها أبناء بني صخر جيلاً بعد جيل.
رحم الله الشيخ ذيب العرقوب الخريشا، وأسكنه فسيح جناته، وجعل إرثه العظيم نبراسًا ينير درب محبيه وأحفاده.