يُعد الجيش العربي الأردني أحد أبرز الجيوش العربية التي سطّرت ملاحم بطولية في الدفاع عن فلسطين، خاصة في حرب 1948. وكان من بين قادته الشجعان المقدم المرحوم سليمان سالم السلايطة، الذي تولّى قيادة سرية الشهداء، وهي إحدى الوحدات التي واجهت الاحتلال في القدس وحي الشيخ جراح. وقد تميزت هذه السرية بشجاعتها وصمودها رغم قلة عددها مقارنة بالقوات المعادية.
معركة الدفاع عن القدس وحي الشيخ جراح
مع تصاعد الاعتداءات الصهيونية ومحاولتها السيطرة على الأراضي الفلسطينية، أصدر جلالة الملك عبدالله الأول قراره الحاسم بتحريك الجيش العربي إلى القدس للدفاع عنها وحماية مقدساتها الإسلامية والمسيحية. وفي 18 مايو 1948، دخلت القوات الأردنية إلى القدس، حيث خاضت معارك شرسة ضد قوات الاحتلال في مواقع استراتيجية، أبرزها حي الشيخ جراح وباب العامود، وهي مواقع كانت تشكل خط الدفاع الأساسي عن البلدة القديمة.
كانت سرية الشهداء بقيادة المقدم سليمان السلايطة في الخطوط الأمامية، وواجهت العدو بشجاعة وإصرار. كان القائد السلايطة يشحذ همة جنوده بعبارته الشهيرة: "المَنِيَّة ولا الدَنِيَّة"، مما جعلهم يقاتلون بروح قتالية عالية، دون خوف أو تراجع، حتى استُشهد معظم أفراد السرية أثناء دفاعهم عن القدس.
التضحيات التي خلدت اسم "سرية الشهداء"
رغم تفوق العدو في العدد والعدة، استطاع الجيش العربي الأردني، بقيادة ضباطه المخلصين ومنهم المقدم سليمان السلايطة، تحقيق انتصارات مهمة، وفرض السيطرة على أجزاء كبيرة من القدس الشرقية. وكانت سرية الشهداء في قلب هذه المعارك، حيث قدمت تضحيات جسيمة جعلت اسمها يُخلد في سجلات البطولة، إذ استشهد معظم أفرادها أثناء القتال، ما جعلها تستحق هذا اللقب بكل جدارة.
إرث من الشجاعة والوفاء
لم يكن استشهاد المقدم سليمان السلايطة ونخبة جنوده إلا تأكيدًا على إيمانهم العميق بعدالة قضيتهم، وواجبهم في الدفاع عن فلسطين. ولا تزال هذه الذكرى العظيمة تلهم الأجيال الأردنية والفلسطينية، وتُذكرهم بالدور البطولي الذي لعبه الجيش العربي في الدفاع عن القدس.
إن المقدم سليمان سالم السلايطة وسرية الشهداء يمثلون نموذجًا خالدًا في التضحية والفداء، ويُعدون من رموز الشجاعة في التاريخ العسكري الأردني. وما زالت بطولاتهم تُروى بفخر، لتكون درسًا في الإخلاص والانتماء لكل من يسير على درب الحرية والكرامة.