في صفحات التاريخ العشائري الأردني، تبرز أسماء رجال صنعوا المجد وسطروا أروع المواقف في ميادين الشجاعة والإصلاح الاجتماعي.
ومن بين هذه الأسماء، يبرز جايز بن ذوقان بن بخيت ابن خضر الشموط، أحد رموز قبيلة بني صخر، الذي حمل راية الشموط وساهم في ترسيخ القيم العشائرية النبيلة، جامعًا بين الحكمة والقيادة في آنٍ واحد.
النشأة والمسيرة
ولد جايز الشموط في بيئة عشائرية أصيلة، تربى فيها على القيم العربية الأصيلة، حيث كان والده وأجداده من أبناء قبيلة بني صخر الذين عُرفوا بالحكمة والكرم والشجاعة.
منذ صغره، تشرب معاني القيادة، وتعلم من والده فنون الإدارة العشائرية، ليصبح لاحقًا أحد أبرز الشخصيات العشائرية في الأردن.
صاحب الحنكة والصبر والقدرة على حل النزاعات، وقد أثبت جدارته بهذا الدور من خلال قيادته الحكيمة لعشيرته، وحفاظه على وحدة الصف، وتمثيله المشرف لهم في المحافل المختلفة.
دوره في الإصلاح العشائري
برز جايز الشموط حيث لعب دورًا محوريًا في حل النزاعات القبلية، معتمدًا على نهج يقوم على التسامح والعدل وإيجاد الحلول الوسطى التي ترضي جميع الأطراف.
لم يكن دوره مقتصرًا على عشيرته فقط، بل كان وسيطًا في حل الخلافات بين العشائر الأخرى، حيث كان يحظى باحترام الجميع بفضل نزاهته وحكمته.
في كثير من القضايا، كان يتم استدعاؤه لحل الخلافات الكبيرة، وكان يحظى بثقة العشائر كافة، حيث لم يكن يسعى إلا لإحلال السلم وتحقيق العدالة، بعيدًا عن أي مصالح شخصية.
الكرم العربي الأصيل
كرم الضيافة من أبرز السمات التي اشتهر بها جايز الشموط، حيث كانت مضارب عشيرته مفتوحة للجميع، واستقبل في ديوانه شخصيات بارزة من شتى أنحاء المملكة، سواء من شيوخ العشائر، أو السياسيين، أو المواطنين البسطاء الذين يقصدونه لحل مشاكلهم أو التماس العون منه.
لم يكن الكرم لديه مجرد مظهر اجتماعي، بل كان جزءًا من شخصيته وقيمه، إذ كان يحرص على إكرام الضيف، وتقديم العون لكل محتاج، سواء من أبناء عشيرته أو من خارجها، مؤمنًا بأن العشائرية الحقة تقوم على التكافل والتضامن.
المكانة العشائرية والوطنية
لم يقتصر تأثير جايز الشموط على عشيرته فحسب، بل امتد ليشمل الساحة الوطنية الأردنية، حيث كان له حضور قوي في كثير من القضايا الوطنية والمناسبات العامة. كان يؤمن بأن العشائرية ليست انعزالًا عن الدولة، بل هي جزء أصيل من النسيج الوطني، لذا كان دائم السعي لتعزيز الاستقرار والمشاركة في كل ما يخدم مصلحة الأردن.
كما كان له علاقات وطيدة مع مختلف الشخصيات السياسية والوطنية، وكان يُستشار في العديد من الأمور العشائرية والوطنية، نظرًا لما يتمتع به من حكمة ونظرة ثاقبة.
إرثه وتأثيره بعد رحيله
بعد رحيله، ترك جايز الشموط إرثًا كبيرًا من القيم والمبادئ التي لا تزال تُستلهم في أوساط عشيرته وبين العشائر الأخرى. فقد ظل اسمه رمزًا للحكمة، والكرم، والإصلاح، وسيبقى ذكره خالدًا في ذاكرة أبناء قبيلة بني صخر والأردنيين عمومًا.
رغم أن رحيله شكّل خسارة كبيرة، إلا أن بصماته لا تزال حاضرة في كل مجلس عشائري، وكل ميدان إصلاح، وكل موقف وطني جسّد فيه القيم النبيلة للعشائر الأردنية.
إن الحديث عن جايز بن ذوقان الشموط ليس مجرد استذكار لشخصية عشائرية بارزة، بل هو تسليط للضوء على نموذج نادر من الرجال الذين عاشوا لخدمة مجتمعهم ووطنهم، ووضعوا بصماتهم في تاريخ الأردن الحديث. سيبقى اسمه محفورًا في سجل العظماء، وستظل ذكراه تلهم الأجيال القادمة للسير على نهجه في الحكمة، والكرم، وخدمة الآخرين.