الثامن والعشرون من آذار 2025 تحتفي الأسرة الإعلامية والصحفية بعيد ميلاد العريقة جريدة الدستور الأردنية 58 ، التي أضاءت شمعتها الاولى في ذات التاريخ من عام 1967 . شمعة مضيئة في الأرض ، أضاءت عالم الصحافة و الاعلام الاردني الحصيف الملتزم بقضايا وطنه و أمته و في السماء نجما ، أنار سراجا منيرا متوهجا ، يهتدي بها كل ذي فكر قويم ، وأن ضل يهتدي بآراها حتى يستقيم ، واحة بأخبارها تروي عطش كل من اشتكى ظمأ دهاليز السياسة و أسرارها و شح مصادر اخبارها لتحيك خيوطها تنسجها و تربطها معا لترسم لوحة غاية عالية الدقة و الحرفية و الواقعية في الوضوح ، تنقل أحداث الساعة مبددتا ضلال الإشاعة و ظلامها ، لتقدم فنون الثقافة و روادها ، تعطي دروسا في لغة الاقتصاد و مؤشرات سوقها لتقرأ هبوطها و صعودها ، تغطي أحوال المجتمع والمرأة و الأسرة و اجيال الشباب مستقبل الوطن و مستقبل قيادته .
الدستور كانت و مازالت لليوم منبرا أردنيا حرا لكل رأي و قلم وطني اردني ، لكل عالم عبقري ، لكل كاتب صادق الكلمة فذ المعي شق عن صدور الناس و كتب عنهم معبرا عن همومهم و أفكارهم و أحلامهم مدافعا عن حقوقهم ناصح لهم برفع وعيهم تجاه واجباتهم ، لكل شاعر فاضت أحاسيسه من نبع الوطنية النقي ليسقي اوراق الدستور قصائدا من الغزل و الحب و الوفاء و الانتماء لهذا الوطن ترابا و قيادة وشعبا ، لتصير أغنية تتغنى بأردننا الجنة الغناء لتقول "
أنا الاردن ،أنا والمجد والتاريخ والعلياء والظفرُ
رفاق .. منذ كان البدء والإنسان والعُصُرُ
من سمائي شع نور الحق يهدي البشريهْ
من ربوعي سار ركب الخير ركب المدنيهْ" لغسان المشيني ، "أردن .. يا أردن .. يا حبيبي
على ذرى أردننا الخصيب
الاخضر العابق بالطيوب
الساحر الشروق و الغروب
سمعتها تقول يا حبيبي
صبية حسناء من بلادي
سمعتها بلهفة تنادي
يا مالك الوجدان و الفؤاد"
حيدر محمود .
اغاني زرعت فينا جذور الهوية الأردنية، و فاحت بعبق الوحدة الوطنية لترعى سنديانة الجبهة الداخلية الصلبة ترخي بأوراقها ظلالا يستفيء بها جميع أبناءها .
الدستور في عامها 58 يشتد عودها فتية شابة مواكبة للحداثة و التقنية و مؤرخة لسجل الاردن إمارة و مملكة ، و وثيقة لتاريخه و مواقفه وطنا و دولة ملكا و حكومة و شعبا تجاه قضايا أمته العربية و في مقدمتها القضية الفلسطينية، لتصير مرجعاً محكما لكل من يبحث عن الحقيقة ، و ردا على كل مريد مغرض مشكك باحث و ساعيا للوقيعة.
الدستور في عيد ميلادها 58 تستحق شهادة الأصالة محفور فيها " الدستور عقد من الدر المنثور صنع بأيادي واقلام اخذت على عاتقها شرف المسؤولية التاريخية في حمل لواء الكلمة و الفكر المستنير و أعباء هم القضايا الداخلية و الخارجية و متابعتها ".
أهديها مني هذه القلادة من الكلمات ، باقة من الحروف و الامنيات أهديها لها و لصفحاتها ، لإدارتها الحالية الرشيدة و لأقلامها الذين مازالوا قائمين عليها حاضرا و متقاعديها غادروها محبة بعد عطاء و لمن رحلوا عنها جسدا و ظلت روحهم تسكن ذاكرتها الذين شهدوا مراحل تطور مؤسستها العتيدة التي تزامنت نشأتها و ولادتها مع تاريخ ميلاد كاتب هذه المقال لتسبقه بعشر سنوات و يلتقيا معا هي المدرسة و هو أحد روادها و أحد كتاب صفحاتها و كأن الميلاد يقابل الميلاد و ليكون وتبقى صرحا ممتدا مدادا لمداد ، ساريته ترفع راية و علم وطن عاليا رمزا أردنيا، و قلبا خافقا ملكي الهوى ، طاهر الثرى ، حصنا منيعا يرويه دم الشهداء و تحميه اياد الاطهار الابرار الشرفاء من أي مكروه أو دنس ، ليظل عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا.