في يومٍ حزين للأردن، فقد الوطن شخصية وطنية بارزة تركت بصمتها في مجالات الأمن والعسكرية والمجتمع والرياضة برحيل اللواء المحامي الشريف علي بن حسن أبو العصام، الذي انتقل إلى دار البقاء يوم الجمعة، التاسع من رمضان 1428 هـ، الموافق 21 سبتمبر 2007.
بدأت مسيرته العسكرية في فترة مبكرة من حياته، حيث شارك كضابط في القوات المسلحة الأردنية في معركة الكرامة، وهي إحدى المراحل التاريخية التي جسدت روح البطولة والإخلاص في الدفاع عن الوطن. وقد انطلق بعدها إلى جهاز الأمن العام في أوائل السبعينيات، حيث تدرج في المناصب القيادية والمسؤوليات الأمنية التي أكسبته خبرة واسعة ومكانة مرموقة بين زملائه.
من الجيش إلى جهاز الأمن العام
لم يقتصر دور اللواء الشريف على أداء واجباته العسكرية فحسب، بل انتقل إلى جهاز الأمن العام حيث تقلّد مناصب عدة كان أبرزها إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل. ومن خلال هذا الدور الحيوي، جاء بفكرة تأسيس الجمعية الأردنية لرعاية نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، إيمانًا منه بقدرة المجتمع المحلي على المساهمة في دعم وإعادة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة من النزلاء. هذا النهج الإنساني والتنموي كان بمثابة جسر للتواصل بين الدولة والمجتمع، مما أسهم في تخفيف الأعباء عن النظام السجني وتعزيز الوعي الاجتماعي.
التقاعد والتحول المهني
مع انتهاء مسيرته العسكرية وإحالته إلى التقاعد في عام 1997 برتبة لواء، لم يتوقف الشريف عن خدمة وطنه، بل تحول إلى ممارسة المحاماة. أسس من خلالها الجمعية الأردنية الخيرية لرعاية الأحداث، مما أكسبه سمعة طيبة كمحامٍ متمكن وفاعل في تقديم الاستشارات القانونية. كما برع في مجال تقديم الخبرة الفنية في قضايا التزوير والتزييف، حيث قام بتقديم العديد من الدورات التدريبية للبنوك والمعاهد والمؤسسات داخل الأردن وخارجه، مما ساهم في رفع مستوى الوعي القانوني والمهني في المجتمع.
إسهاماته في المجال الرياضي
لم يقتصر تأثير اللواء الشريف على الجوانب الأمنية والقانونية، بل كان له دور بارز في المجال الرياضي أيضاً. فقد تولى رئاسة اتحاد ألعاب القوى ومن ثم رئاسة اتحاد الجودو الأردني، كما حظي بشرف أن يصبح أول أردني يرأس اتحاد الجودو العربي. وبفضل جهوده وتفانيه في العمل، كان الشريف مسؤولاً عن تأمين مهرجان جرش لسنوات عديدة، مما عزز من صورة الفعاليات الثقافية والرياضية على الصعيد الوطني والإقليمي.
إرث خالد وشهادة تقدير وطنية
يشهد التاريخ على مسيرة الشريف أبو العصام الطويلة والمميزة، التي امتدت بين ساحات المعارك والمكاتب الإدارية والقاعات الرياضية. فقد نال العديد من الأوسمة والميداليات والجوائز التقديرية التي تعكس مكانته الرفيعة وإسهاماته المتعددة في خدمة الوطن. ورغم رحيله، يبقى إرثه الوطني حياً في ذاكرة الأردنيين، حيث يرمز إلى التفاني والإخلاص والالتزام بمبدأ خدمة الوطن والمجتمع.
يمثل اللواء الشريف أبو العصام مثالًا يحتذى به في القيادة النبيلة والإبداع الاجتماعي، وستظل مسيرته مصدر إلهام للأجيال القادمة في سبيل بناء وطن متماسك يسوده التعاون والتلاحم بين مؤسساته ومجتمعه.