الحكاية حدثت قبل ما يقارب 10 اعوام في حفل التكريم الذي أقامته احدى الجامعات لنشطاء المجتمع المحلي من الجهات الرسمية والاهلية الفاعلين في العمل العام الذي رعاه وزير الداخلية السابق عيد الفايز وكنت موجوداً فيه بحكم عملي في جهاز الأمن العام وقتها ، وفي اللحظة التي تناوب راعي الحفل ورئيس الجامعة على توزيع دروع التكريم فوجئت بالوزير الفايز يتقدم الي بشكل فجائي ويضعني بينه وبين رئيس الجامعة من اجل تسليم الدروع للمكرمين وهو يقول انتم العاملين بصمت والأولى بالتكريم ، وفي نهاية توزيع الدروع بقي ممسك بيدي خلال لقائه في مكتب رئيس الجامعة للضيافة والحديث مع الموجودين .
على الرغم من مرور الزمن لم تغب عن ذهني هذه الحادثة التي تأصل المكانة التي يجب ان يوضع فيها من يذوذ عن حدود الوطن وامنه ، لطالما سمعت ان الأمة التي يحترم فيها العلم والقانون سيكون لها مكانتها في ميدان الامم التي تحترم نفسها في وسط عالم لا يحترم الا القوي والمتمكن حضارةً وعلماً وعدالة ونظاماً ، وخير من يمثل هولاء في المجتمع المعلم ورجل الأمن فالأول يبني الأنسان الواثق بنفسه القادر على ان يفيد نفسه ويكون رقماً مميزاً في خدمة مجتمعه ، أما الثاني فهو بلا شك من يهيأ للأول الظروف التي تمكنه من أداء رسالته بل يهيأ للدولة والمجتمع السير في سبيل التنمية الشاملة فأهم أسس الحضارات الإنسانية هو توفر عامل الأمن والأستقرار .
مع كون الإساءة لرجل الامن والجندي بقول او فعل هو تصرف مرفوض بقوة في مجتمعنا الأردني جاء بنفسي الوزير الفايز وكأنه يخاطب المسيئين بقوله لا اعلم ماذا دار بذهنهم بتصرفهم هذا ، الم يفكروا هولاء كم من الجهد الذي بذله من أساؤوا لهم وهل غيَب المسيء دورهم جهلاً او عمداً فالأمر سيان لا فرق بينهما في هذه الحالة التي وصل فيها للحظة الإساءة ، لطالما سمعت او قرأت من البعض أن الجند والأمن يأخذون رواتبهم نظير جهدهم متناسين أن غيرهم ممن يأخذ راتبه يخلد يومياً أمناً مع عائلته لكن هولاء لا تسمع منهم الا مصطلحات المناورة والواجب ، هل سمعت يا هذا بخشاع القن والهبر وعنقا وابو هابيل والاربعين والعشة وزوفر ومشاش حدرج .؟ّ! ، أنها من ثغور الوطن الحدودية التي لا يعلم الكثير من أبناءه عنها ويكمن بها الجند والأمن بمهامهم المقدسة مع برد ريح تشارين ومطر كوانين ولهيب شمس تموز وآب فيما انت أمناً مطمئناً في عملك ومع عائلتك في ظروف مثالية .
عيد الفايز الذي ودعه الأردنيون مؤخراً الى جوار ربه وفردوس جنانه ان شاء الله ، أيها البدوي الذي لفحت شمس البادية الأردنية جبينك الأسمر فكونت ايقونة جميلة معطرة بعبق أديم الأرض الأردنية بعد شتوة نهاية أيلول المبكرة فغدت مكللة بقداسة حنطة حوران وبوفرة خير البلقاء وبألق عطاء مؤاب وبأس جبال الشراة ، اقول لك بمبادرتك لي في الجامعة تركت اثراً محال النسيان لدي ولدى الوطن وابناءه وجنده ورجال امنه ، واسترق هنا ما كتبه الصديق الوفي دائماً الدكتور سعود الحربي حين نعاك بقوله .. نعم سيفتقدك الوطن وسيفتقدك الخيرين من أبنائه ونرجو منك أن توصل سلامنا الى وصفي وصحبه