في مثل هذا اليوم من عام 2007، فقدت المملكة الأردنية الهاشمية رجلًا من رجالها الأوفياء، الشيخ عبدالله محمد كايد اخوارشيده الخزاعله (أبو سلطان)، الذي ارتقى إلى جوار ربه وهو على رأس عمله عضوًا في مجلس الأعيان، بعد مسيرة حافلة بالعطاء الوطني والعشائري والسياسي.
ولد الشيخ عبدالله في رحاب بني حسن بمحافظة المفرق عام 1939، ونشأ على القيم الإسلامية، فكان حافظًا للقرآن الكريم قراءة وكتابة وتجويدًا منذ أن كان في العاشرة من عمره، وواصل طريق العلم ليحصل على الثانوية العامة من كلية الحسين عام 1960، ومن ثم نال شهادة الحقوق من جامعة دمشق عام 1964، ليكون أول وأقدم خريج قانون من قبيلة بني حسن.
انطلق في مسيرته المهنية حاكمًا إداريًا حتى رتبة متصرف في وزارة الداخلية قبل أن يستقيل عام 1972 ليتفرغ للعمل الوطني والاجتماعي. وفي العام ذاته، انتُخب عضوًا في مجلس الاتحاد الوطني عن ألوية المفرق والزرقاء وجرش، محققًا أعلى عدد من الأصوات آنذاك.
تولى الشيخ عبدالله مسؤوليات جسيمة على مستوى الوطن، فكان مستشارًا عشائريًا لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، الذي كلفه بحل العديد من القضايا العشائرية المعقدة، وكان له دور بارز في رفع المفرق من لواء إلى محافظة بفضل توصية سامية تبناها الملك الراحل.
عرف الشيخ الراحل بمبادرته لتأسيس جمعية الرابطة الخيرية لعشائر بني حسن عام 1968، والتي اتخذت من الزرقاء مقرًا لها، وشكّلت إطارًا اجتماعيًا وتنظيميًا للعشيرة، كما شغل عضوية مجلس إدارة مؤسسة الإقراض الزراعي، واللجنة العليا لتطوير الأراضي المرتفعة، وكان عضوًا في المجلس الوطني الاستشاري ثلاث دورات متتالية.
وفي عام 1993، انتُخب نائبًا في مجلس النواب الثاني عشر عن محافظة المفرق، ومن أبرز إنجازاته آنذاك رفع توصية إلى الملك الحسين رحمه الله بإنشاء جامعة في المفرق، تُوّجت بإرادة ملكية سامية بتأسيس جامعة آل البيت عام 1993، ما يعد إحدى أبرز بصماته في قطاع التعليم العالي.
وفي عام 2005، صدرت الإرادة الملكية السامية بتعيينه عضوًا في مجلس الأعيان، حيث واصل عطاؤه حتى وفاته في 13 أيلول 2007.
الشيخ عبدالله ينحدر من عائلة عريقة في العمل النيابي والعشائري، فهو نجل النائب الأسبق الشيخ محمد كايد اخوارشيده، الذي شغل مقعد بني حسن ثلاث دورات متتالية منذ عام 1952، وحفيد الشيخ كايد بن محمد بن نمر اخوارشيده (أبو هزاع)، شيخ عشيرة الخزاعله المعروف بالكرم وإصلاح ذات البين.
رحل الشيخ عبدالله، وبقيت ذكراه خالدة في وجدان كل من عرفه، رمزًا للوفاء، ورجلًا من الرعيل الأول الذين ساهموا في بناء الدولة، وحملوا هموم الوطن والعشيرة بصدق وشرف.